هل أعلن بايدن الحرب على إيران؟

48 ساعة ساخنة تشهد غارات جوية على وكلاء الشر وتغيرا كبيرا في لهجة الرئيس
48 ساعة ساخنة تشهد غارات جوية على وكلاء الشر وتغيرا كبيرا في لهجة الرئيس

الثلاثاء - 29 يونيو 2021

Tue - 29 Jun 2021

تغيرت لهجة الرئيس الأمريكي جو بايدن بشكل مفاجئ مع إيران، وبعد يوم واحد من توجيه ضربات عسكرية مركزة على وكلائها في بغداد، تعهد أمس بعدم السماح لنظام الملالي بتطوير أسلحة نووية في عهده.

وقال بايدن قبيل اجتماع للبيت الأبيض «ما يمكنني قوله لكم هو أن إيران لن تحصل أبدا على سلاح نووي في عهدي»، وأبلغ الصحفيين أن بلاده «ما زالت مصممة على مواجهة نشاط إيران الخبيث ودعمها للوكلاء الإرهابيين، الأمر الذي له عواقب مزعزعة للاستقرار في المنطقة»، مشيرا إلى مسؤولية وكلاء الشر عن هجمات على أفراد أمريكيين في العراق.

وفيما جاءت تصريحات بايدن بعد يوم من أمره بشن ضربات جوية على المواقع التي تستخدمها جماعات مسلحة مدعومة من إيران على الحدود العراقية السورية، يرى مراقبون أن الرئيس الأمريكي يشعر بالإحباط من مساومة وابتزاز نظام الملالي وأعلن الحرب عليه.

مفاجأة أمريكية

واعتبر مراقبون تصريحات الرئيس الأمريكي مفاجأة، في ظل المفاوضات التي تجريها إدارته من أجل إعادة الاتفاقية النووية مع طهران، ومع التهدئة التي ظهرت على الولايات المتحدة الأمريكية منذ وصول بايدن للحكم، في أعقاب انسحاب الولايات المتحدة من جانب واحد من الاتفاق في عام 2018، وبعدما أدارت طهران ظهرها للقيود المفروضة على برنامجها النووي بموجب الاتفاق.

ووسعت إيران أنشطتها النووية تدريجيا بما يخالف الاتفاقات وقيدت عمليات التفتيش النووي الدولية، في ظل محاولات دبلوماسيين من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين التوسط بين الولايات المتحدة وإيران في المحادثات الجارية في فيينا منذ أبريل بهدف إنقاذ الاتفاق النووي.

وشهدت الساعات الـ48 الأخيرة تغييرا لافتا في السياسة الأمريكية، بداية من الضربات المركزة التي قام بها الجيش الأمريكي على وكلاء طهران في العراق، وصولا لتصريحات بايدن التي جاءت قبل لقاء منتظر مع رئيس الحكومة الإسرائيلية.

رسالة ردع

وفي الساعات الماضية، قال الجيش الأمريكي إنه استهدف منشآت عملياتية وأخرى لتخزين الأسلحة في موقعين داخل سوريا وآخر في العراق ردا على هجمات بالمسيرات شنتها الميليشيات على منشآت وأشخاص أمريكيين في العراق.

ودافع وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، عن القصف الذي استهدف مسلحين موالين لإيران في العراق وسوريا، قائلا إنه بمثابة “رسالة ردع قوية”، وأضاف “أملي أن تكون الغارات وجدت آذانا مصغية، وأنها ستردع أي تحركات في المستقبل”، واصفا موقف بلاده بأنه “دفاع عن النفس لمنع المزيد من الهجمات”.

وقالت وزارة الدفاع الأمريكية إنها شنت غارات جوية على “ثلاثة مواقع عسكرية تابعة للميليشيات الإرهابية المدعومة من إيران في سوريا والعراق”، وأضافت أن “المواقع العسكرية تستعملها الميليشيات المدعومة من إيران لشن هجمات بطائرات مسيرة على القوات الأمريكية في العراق”.

وتعد هذه الغارات الثانية التي تشنها القوات الأمريكية على الحدود العراقية السورية بأمر من الرئيس، جو بايدن، ردا على استهداف القوات الأمريكية في العراق.

تاريخ ملطخ

في المقابل، فند الباحثان في معهد «الدفاع عن الديمقراطيات» برادلي بومان وبهنام بن طالبلو كلام الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في مؤتمره الصحفي الأول بعيد انتخابه، ليؤكدا أن إيران تظهر لا مبالاة بالسلام مع الغرب، ويحذرا من مخاطر الانسحاب الأمريكي من الشرق الأوسط.. وفقا لموقع (24) الإماراتي.

وقال الباحثان إن اختيار رئيسي المتشدد المسؤول عن الإعدامات الجماعية للمعارضين، تذكير في الوقت المناسب بطبيعة النظام في طهران، والتهديد الذي يمثله، والمتطلبات المستمرة للقوات الأمريكية المتمركزة في الشرق الأوسط.

وعلى مدار تاريخه الملطخ بالدماء، شارك رئيسي في «لجنة الموت» المكونة من أربعة أشخاص والتي أشرفت على إعدام ما يقدر بنحو 5 آلاف سجين سياسي في أواخر الثمانينات، ويبدو أن مرور الوقت لم يدفع رئيسي إلى الشعور ببعض الندم. وخلال أول مؤتمر صحفي له بعد الانتخابات، سئل عن دوره في جرائم القتل الجماعي، فأجاب «لطالما دافعت عن حقوق الناس. لقد كانت حقوق الإنسان نقطة محورية بالنسبة إلي».

الصواريخ والإرهاب

واستخدم رئيسي مؤتمره الصحفي للتأكيد أنه على الموجة ذاتها مع خامنئي في ما يتعلق بالسياسة الخارجية للنظام، في إشارة إلى الدعم الذي يحظى به من قِبل «الحرس الثوري»، وكرر أن برنامج إيران للصواريخ الباليستية ودعم الجماعات الإقليمية الإرهابية غير قابل للتفاوض.

ورأى الكاتبان أن تعليقات رئيسي جديرة بالملاحظة ليس لأنها تمثل وجهة نظر مستقلة، بل لأنها تشير بوضوح إلى ركود في السياسة الإيرانية، والتي يقررها في النهاية المرشد الأعلى.

لا تنازلات إيرانية

واعتبر الكاتبان أنه من السذاجة أن تعتقد إدارة بايدن بأنها تستطيع، بعد العودة إلى الاتفاق، الحصول على تنازلات لاحقة من طهران بشأن الصواريخ والإرهاب؛ وأضافا أنه بمجرد قيام طهران بإلزام الولايات المتحدة بالاتفاقية مرة أخرى وتخفيف العقوبات، سيكون لدى النظام حافز أقل للتفاوض بحسن نية، في ما يتعلق بترسانته الصاروخية أو دعمه للجماعات الإرهابية. ويقولان «تمثل الصواريخ الباليستية مشكلة خطيرة للولايات المتحدة وجيران إيران من العرب.

وتمتلك طهران بالفعل أكبر ترسانة للصواريخ الباليستية في الشرق الأوسط، وتعمل على تحسين دقة صواريخها وقدرتها الفتاكة ومداها».

وأظهرت طهران استعدادا متزايدا لاستخدام صواريخها الباليستية وصواريخ كروز، وكذلك الطائرات بدون طيار لشن هجمات، مع تقديم بعض هذه القدرات العسكرية لوكلائها في جميع أنحاء المنطقة.

حماية المصالح

في 20 يناير2021، كان هناك 6 آلاف جندي أمريكي في أفغانستان والعراق وسوريا. وتساعد القواعد الأمريكية في الخليج العربي، وبالقرب منه، في حماية أحد الممرات المائية التجارية الأكثر حيوية في العالم، وتمكين الجهود لبناء قدرات الشركاء (وبالتالي تقليل العبء الأمني)، وتوفير مناخات القوة اللازمة لمواصلة الضغط على الجماعات الإرهابية الإسلامية.

وقال الكاتبان «إذا كان لدينا في أي وقت صراع عسكري خطير مع الصين، فسيسعدنا أن تكون لدينا قواعد عسكرية بالقرب من مضيق هرمز، أحد أكثر نقاط الطاقة الحيوية في العالم».

ويضيفان «غالبا ما ترد الأصوات العالية وغير المستنيرة من كلا الطرفين على مثل هذه الحجج عبر التحسر على ما يسمى بـ»الحروب التي لا نهاية لها»، معتبرة الانسحابات العسكرية الأمريكية خيرا لا لبس فيه. ومع ذلك، فإن هذا النهج يتجاهل وجهة نظر وزير الدفاع الأسبق ليون بانيتا بأن الانسحابات تستحق قدرا من التدقيق مثل قرارات شن تدخلات عسكرية».

وقال الكاتبان «كان ينبغي لواشنطن أن تتعلم هذا الدرس من انسحاب إدارة أوباما من العراق في عام 2011، حيث أجبرت القوات الأمريكية على العودة في عام 2014، ومع ذلك، فإن إدارة بايدن ترتكب الخطأ نفسه الآن في أفغانستان».

مراجعة بايدن

ويتفق الكاتبان برادلي بومان وبهنام بن طالبلو على أن إدارة بايدن تجري حاليا مراجعة لموقف القوة العسكرية العالمية للولايات المتحدة، والتي ستحدد الموقف العسكري الأمريكي المستقبلي في الشرق الأوسط وأماكن أخرى.

وفيما يحرص البعض على إخراج القوات الأمريكية من الشرق الأوسط للتركيز أكثر على التهديد من الصين، قال الكاتبان إنه «من الضروري تعزيز الموقف العسكري الأمريكي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، لكن تقليص الوجود العسكري الأمريكي الضروري في الشرق الأوسط لخدمة هذا الهدف يتجاهل الدور الأمني المتزايد للصين».

ويتضمن ذلك صفقة بكين الاستراتيجية الأخيرة مع إيران، ومبيعات الأسلحة المتزايدة في الخليج، وبناء أول قاعدة عسكرية خارجية لها في جيبوتي قبالة السواحل اليمنية على المدخل الجنوبي للبحر الأحمر.

وقالا إن منافسة القوى العظمى مع الصين هي منافسة عالمية، وهذا يشمل الشرق الأوسط. وإذا أرادت واشنطن التركيز على الصين، فلا ينبغي للولايات المتحدة أن تسعى إلى انسحاب غير مشروط على أساس جدول زمني للقوات الأمريكية العاملة في أفغانستان والعراق وسوريا. وستزيد مثل هذه الانسحابات من فرص عودة «داعش»، أو هجوم آخر على غرار هجمات 11 سبتمبر على الولايات المتحدة.