حنان المرحبي

الثقافة الصامتة

الاحد - 11 ديسمبر 2016

Sun - 11 Dec 2016

ما المقصود بالثقافة الصامتة؟ لحسن الحظ، لا حاجة لنا للكلمات لشرح المفهوم، أعتقد تجسده بوضوح الشخصية الكرتونية التي قدمها البرنامج اليوتيوبي مسامير وهي: سويكت بن راضي. مرجع جيد للمشاهدة ولفهم المقصود من المفهوم.



يبدأ المطعم في استقبال الطلبات فيصطف الزبائن في طوابير الانتظار. يأتي شخص من الخلف وبلا أي مبالاة يقطع صفوف الانتظار نحو المقدمة ليقف في أول الصف. السؤال: كم شخصا سيعبر عن رفضه للموقف جهرا؟



تخبر إحدى الدراسات أن نسبة من سيقف أمام قاطع الصفوف ويعبر عن رفضه لما بدر منه هو 1 من كل 25 شخصا.



لنتخيل الأوضاع في بيئة العمل على سبيل المثال. إذا كنت أنت وزملاؤك من زمرة التعساء في الأرض حيث يتولى إدارة قسمكم مدير يسير على عكس الاتجاه دائما ويتصادم مع الجميع. السؤال: كيف سيتصرف زملاؤك الموظفون إذا اكتشفوا وجود انحراف جوهري في الأداء عن الخطة التي يسير عليها المشروع، هل تعتقد أن أحدا منهم سيملك الشجاعة ليطرق باب ذلك المدير ويبلغه بالأمر ويتحمل كل ما سيأتيه من سوء ألفاظ وتهجم وأحكام وقلة احترام وانفعال؟

من المتوقع أن يصمتوا، ويتركوا نتائج الأداء المنهارة تخبره الحكاية بالنيابة عنهم في النهاية. أيضا، في خلال ذلك، من المتوقع أن تنتشر الشوشرة الكلامية الخفية ونقل الكلام، والنميمة وكل الآفات الكلامية التي تحتضنها الأجواء القمعية والعنيفة.



بالاطلاع على نتائج مسح أجراه الباحث والكاتب David Maxfield شمل 1025 موظفا ومديرا للإجابة على السؤال: 78% منهم يشكون الحال للآخرين، 66% يتحولون إلى مهام غير ضرورية أو زائدة، 53% يشغلون بالهم بالتفكير العميق في المشكلة، 50% منهم يبدأ الغضب بالتسلل إليهم.

يميل الناس إلى السكوت إذا شعروا بوجود مخاطر أو كانت لديهم مخاوف من حدوث ردود فعل عكسية وشديدة إذا ما عبروا عن أفكارهم أو المشكلات التي تمر بهم. وهناك من يعزف عن الكلام ولا يجرؤ على ذلك ما لم تدعه بنفسك إلى الحديث، ومنهم من إذا تحدث سينتقي عباراته جيدا ويتجنب تقديم أي نقد ما لم تدعه إلى ذلك.



والخوف من سوء ردود الشخص المقابل هو أحد الأسباب المهمة للصمت، ولكن في بيئة العمل، أظهرت نتائج أحد المسوح أن السبب الأهم للصمت هو قناعة يحملها الموظف بأن ما سيقوله لا معنى له (هؤلاء يمثلون 26% من الذين شملهم المسح، في مقابل 20% منهم يصمتون لأسباب تعود إلى المخاوف).

يؤثر الموظف الصمت إذا اعتقد أن مديره لا يملك الصلاحية في معالجة المشكلة أو تنفيذ الاقتراحات أو اعتقد أنه لا يحسن التعامل مع المشكلة، أو لا يملك القدرات والكفاءة التي تمكنه من معالجتها.



أختم بنوع لطيف من الصمت والذي يكون مصدره محاولة تجنب جرح مشاعر الشخص المقابل. فتجد من يضطر إليه يبتلع المشكلة تلو الأخرى وحده، لا يجرؤ على إيقاف المتسبب بأي كلمة لاعتقاده بأن ذلك الشخص لن يتحمل أي شيء سلبي موجه إليه (ستكون ردود فعله مبالغا فيها وأي كلمة ضده ستؤثر جدا على نظرته لنفسه ومستقبله).



[email protected]