برجس حمود البرجس

وسقط «البراند» في ليلة واحدة

الثلاثاء - 07 مايو 2024

Tue - 07 May 2024


العلامة التجارية - أو «البراند» - أسلوب حديث يعبر عن المنتج وفخامته، ورائد الأعمال وشركائه والمستثمرين، والذي أصبح لهم مصدرا للثراء وزيادة الفروع وعدد الموظفين ويحلق بصاحبه فوق السحب والغيوم وقد يصل إلى النجوم.. كل هذا.. في سنة أو سنتين أو ثلاث سنوات كمتوسط للبراندات الجديدة.

أن تبني إمبراطورية تجارية بمجهود «العقل» وبمساعدة أدوات النشر الالكترونية وعالم الفضاء الالكتروني، هذا لا يعني ألا يكون السقوط في ليلة واحدة. سهولة الصعود لا يعني مناعة من السقوط، وما أتى بسهولة لا يعني ضمانه للأبد. وأقصد بالسهولة هي سهولة بناء كيان تجاري بوقت قصير مقارنة بالماضي والذي كان يتطلب المال والجهد والسنوات الطويلة.

على رائد الأعمال الذي ينجح في وقت قصير، ويبني كيانا تجاريا من الصفر وتصل قيمته إلى عشرات ومئات الملايين خلال سنتين أو ثلاث أو خمس سنوات، مستخدما عقله وفكره وجهده، ومستفيدا من انتشار سمعة علامته التجارية عبر برامج التواصل الاجتماعي وتناقل اسم «البراند» عبر السكان أو ما يسمى word of mouth، عليه أن يفرغ 30% من وقته لـ «ماذا لو»، وهي أهم عناصر الاستدامة.

ماذا لو انهارت علامته التجارية؟ سينتشر الخبر في ليلة واحدة للجميع.. ماذا لو تسمم زبائنه من أكله؟ ماذا لو تضرر عملاؤه من بضاعته؟ ماذا لو استغلت ثغرة في أنظمة شركته وانكشفت معلومات عملائه؟ ماذا لو طاحت السمعة بسبب سوء إدارة أو تعنت أو تصرف من موظفيه؟ ماذا لو وقع في أزمة أو كارثة؟ حينها.. لن ينفع الندم ولن يستطع استعادة السمعة مرة أخرى، وسيفقد ثقة الناس وثقته بنفسه، ولن ولن...
على رائد الأعمال الناجح، والذي نجح مشروعه ومنشأته، أن يفرغ نفسه على الأقل يوما أو يومين في الأسبوع لما يسمى بـ «التميز المؤسسي»، ويؤسس له فريق عمل خاص ومميز ومختص في «التميز المؤسسي» والاستدامة، ويشارك معهم في تفاصيل الأعمال، حينها لن يسقط أبدا، وإن سقط لأسباب خارجة عن الإرادة، لن يلام ولن يخسر السمعة ولن تهتز ثقته بنفسه.

لا بد أن تعرف شكاوى عملائك مباشرة، وليس عن طريق المسؤول الذي ستلومه عن تلك الشكاوى، بالتأكيد سيخبئها عنك. يجب أن تخصص فريقا آخر لا تكون مرجعيته لذلك المسؤول، وهذا الفريق يتأكد من عدم وقوع الأخطاء والشكاوى، بل أن يكون الفريق مقتدرا على التنبؤ بحدوث هذه الأخطاء والشكاوى قبل حدوثها، ومقتدرا على معالجتها أيضا.

«التميز المؤسسي» علم ومعايير وممارسات محلية وعالمية مؤكدة ومثبته، وهذا شرط وضمان للاستمرارية والاستدامة، وينقل المنشأة من مراحل تحسين السمعة إلى حماية السمعة ومن ثم إلى تعزيز السمعة.

التميز المؤسسي يكتشف الثغرات والنواقص ويعمل على معالجتها سريعا قبل حصول كوارث.

للتميز المؤسسي أدوات وأساليب عمل ومنهجيات، وغيابه عن منظومتك يجعلها في دائرة «احتمالية السقوط» وقد تكون في ليلة.

رائد الأعمال الذي ينجح، ولكنه يصنف «كسلان» من ناحية اهتمامه في «التميز المؤسسي»، تستطيع اكتشافه بسهولة، فقط تابع الردود عليه في برامج التواصل الاجتماعي وسمعته بين الناس. تجاهل شكاوى العملاء، أو التفاعل معها في التواصل الاجتماعي دون جدية في وضع حلول للشكاوى، أو الدفاع عن موقف الشركة من تلك الشكاوى، ليس إلى مكونات ومقادير للانهيار.

التبرير للنواقص والأخطاء لن يخدم «حقيقة الشركة»، وطالما أنه ليس لديك «النابهة» للتنبؤ واكتشاف النواقص والأخطاء قبل حدوثها، أنت في منحدر.

الحديث ليس عن المطاعم، بل أي خدمات تقدم، والانهيار قد لا يأتي على شكل «مشكلة»، قد يكون تباطؤ في التوسع أو تدهور إداري ومالي وديون وإفلاس.

أي منظومة عمل ليس لديها قسم خاص ومنعزل عن «التميز مؤسسي» وفعال ويشمل «التسوّق الخفي»، هو في الحقيقة متورط ولكنه لم يسقط بعد.

المسألة ليست تبرير وتصرفات وأخطاء فردية للعمالة والموظفين، إنما إدارة وفكر إداري ناجح ومتميز، وهذا يتطلب قدرات ومهارات وإرادة حقيقية، وتعلم مستمر، واهتمام وتركيز.


Barjasbh@