ياسر عمر سندي

التسويق اللاشعوري

الخميس - 04 أبريل 2024

Thu - 04 Apr 2024

قراءة مخ المستهلك وسبر أغوار دماغه والبحث في حناياه للوصول إلى تكوين الصورة الذهنية الجاذبة لمنتج معين، هي موضوعات عكف عليها كثير من علماء المخ والأعصاب والباحثين في مجال علم النفس المعرفي والشخصية، لإيجاد طريقة علمية متقدمة تجعل من ذلك المنتج في مقدمة اختيارات المستهلك، وأول ما يفكر فيه وتقع عليه عينه وتتحرك إليه مشاعره، خلال خمس مؤثرات تحفز سلوكياته الشرائية.

أولا: التأثير الذهني، وهدفه الاستحواذ على عقلية المستهلك والسيطرة عليه، وفهم رغباته التي يميل إليها وردود أفعاله، خلال تكرارات مسجلة وترددات مسبقة في المخ، تفيد بأن الشخص أو الأشخاص أو الفئات من ذلك المجتمع يفضلون هذه المنتجات، باستخدام مؤثرات بصرية وحركية ولاصقات وألوان متداخلة، تعمل على الموصلات العصبية بالمخ لجذب الانتباه، وترتبط بحاجات حيوية وجسدية لدى المستهلك، تؤثر عليه نفسيا مثل: إعلانات الأطعمة أو الأجهزة أو الملابس.

وتقيس بعض المنظمات الربحية ردود أفعال عملائها، عن طريق إشارات العين وحركتها واتساع حدقتها تجاه شيء مرغوب، وتسجيل تعبيرات الوجه ولغة الجسد، كالابتسامة والعبوس أمام المنتجات.

ثانيا: التأثير العاطفي، وهو أسلوب بناء المشاعر على قرارات المستهلك، وتوجيهه للحصول على المنتج لسد جانبه اللاشعوري، والذي يجعله يتواءم مع محيطه، مثل ترغيبه بشراء نظارة معينة وساعة من ماركة محددة، لتشعره بالقبول والاندماج المجتمعي.

ثالثا: التأثير الاقتصادي السلوكي، أسلوب يستخدم لمزج فلسفة الاقتصاد مع علم النفس، فالشركات هدفها الربح، تحاول التدخل في رسم رغبات الشخص لاختيار المنتج، خلال معرفته وخبرته التي تجعلانه يحدد بين ما يحتاج وما يريد، وما هو عاجل وما هو مؤجل.

رابعا: التأثير المكاني، وهو أسلوب يعتمد على الفن والذوق، في التأثيث الداخلي لأماكن عرض المنتجات التسويقية في المتاجر وطريقة ترتيبها، فالمنتجات الصغيرة والرخيصة تكون في أول المتجر، ثم وضع مطعم أو مقهى وزاوية لألعاب الأطفال، للوصول إلى راحة المستهلك النفسية والمزاجية، وتطمينه حتى يستكمل مسيرته الشرائية، ويخرج بأكبر قدر من المنتجات.

خامسا: التأثير الإقناعي التواصلي، أسلوب يعتمد على سلوكيات وقدرات موظفي المواجهة المحترفين، بكيفية استقراء المستهلك واستمالته بطرق لفظية جاذبة وعبارات منمقة، مثل: إن هذا المنتج يليق بك؛ أو إنها فرصة لن تتكرر، أو باستخدام منهج الإلحاح لإحراج المستهلك لتجربة المنتج.

بين المعروض والمطلوب، هنالك مساحة تتأثر بأساليب خفية تعتمد عليها الشركات التجارية، خاصة في مواسم معينة يزداد فيها منحنى الشراء، كمواسم الأعياد والمناسبات، لترويج المنتجات باستخدام آليات التسويق الحديثة التي تركز على الجانب الفكري والنفسي والعاطفي للمستهلك: بماذا يفكر؟ وكيف يستشعر؟ وماذا يقرر؟، ليتم توجيهه لا شعوريا لتحقيق الربح وسد الحاجة، ليحدث ذلك التقارب التسويقي بين البيع والشراء، وفي هذا المشهد يكمن الجانب الأخلاقي للتسويق الثنائي بين الاستغلال أو الامتثال.

Yos123Omar@