فيصل الشمري

لماذا أخفقت سياسة استرضاء إيران؟

الأربعاء - 24 أبريل 2024

Wed - 24 Apr 2024

إنه لقول صحيح بأن الكثير من المشاكل التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط الآن مصدرها الطريقة التي تعاملت معها إدارة الرئيس باراك أوباما وإدارة الرئيس بايدن فيما يتعلق بالعلاقة مع إيران. (ويمكن استخدام تعبير الطريقة الخاطئة التي تعاملت بها كلتا الإدارتين مع إيران). ومنذ أن حل بالبيت الأبيض في يناير من عام 2009 كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما عازما كل العزم على أن يجعل من إيران القوة السياسية الكبرى في منطقة الشرق الأوسط إقليميا، وأن يجعل من مصالحها القومية مصالح تسود على كل مصالح الدول العربية والإسلامية جمعاء. وكان هذا إجحافا بمصالح الدول العربية والإسلامية والتي طالما سعت أن تكون سياساتها الخارجية مبنية على إحلال السلام، ترسيخ الاستقرار، وإنهاء الصراعات في منطقة الشرق الأوسط وبالذات في منطقة الخليج العربي.

لكن الرئيس أوباما تجاهل عمدا هذه الثقة المتبادلة والتي شكلها الاحترام المتبادل ما بين الحكومات العربية ومختلف الإدارات الأمريكية وكانت استثمارا سياسيا ناجح في منطقة الشرق الأوسط.

وهناك اتهامات عديدة بأن الرئيس باراك أوباما أعطى إيران مبلغا وقدره 150 مليار دولار أمريكي. وفعليا، كان هذا المبلغ ما هو إلا دعم مالي للعديد من الجماعات الإرهابية التي ترعاها إيران.

وأحد مبررات أوباما في إعطاء إيران هذا المبلغ هو أنه كان لا يبالي لأن يتبع أي سياسة حتى يستطيع أن يقنع إيران بأن توقع اتفاق حول برنامجها النووي مع مجموعة الدول الستة التي كانت تتفاوض معها. لكن تلك السياسة تطرح بدورها تساؤلا هاما وهو لماذا كان الرئيس أوباما راغبا كل الرغبة في توقيع اتفاق مع إيران والذي كان بمقدوره أن يزيد من قدرات إيران النووية وأن يجعلها قادرة على الحصول على سلاح نووي؟

من الملاحظ أن الرئيس أوباما نفسه هو الذي تمكن من إخفاء الكثير من التفاصيل حول علاقات إدارته مع إيران بصفة عامة، والتفاصيل حول نقل أموال إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية بصورة خاصة. ويمكن القول هنا، بأن أوباما أساء استخدام سلطاته الرئاسية كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية والتي كانت أثناء إقامته في البيت الابيض، فيما يتعلق بتعاملاته مع إيران.

وهذا يعني أيضا أنه كان هناك درجة من التنسيق ما بين عدة أجهزة بيروقراطية في الحكومة الأمريكية ونظرياتها في الحكومات الأوروبية لإخفاء العديد من التفاصيل حول تعاملات أوباما مع إيران عندما كان رئيسا للولايات المتحدة.

ومن الملاحظ أن الرئيس أوباما كان يفصل طرق غريبة في التعامل مع إيران والتي كانت تمنح الحكومة الإيرانية الكثير من الأموال نقدا. وحسب تصريحات أوباما الصادرة منه في يوم الرابع من أغسطس في عام 2016: أن سبب إعطاء الإيرانيين أموال نقدا هو أننا نحاول الحفاظ على تطبيق العقوبات المفروضة عليهم بصورة متشددة.

كما أن أمريكا ليست لديها تعاملات مع إيران عن طريق المصارف. إذا لا يمكن صرف مبلغ لهم عن طريقة سحب أموال من أحد البنوك وتحويلها لهم.

لكن الأمر المعيب هنا أن الولايات المتحدة الأمريكية لديها سياسية بعدم منح أي دولة أو جماعة أي أموال نقدا كفدية لتخليص أي تعامل بصورة ما.

وفور تلقى طهران هذا المبلغ، تم استخدامه في تطوير منظومة إيران من الصواريخ البالستية الطويلة المدى، بل استطاعت إيران القبض على عدد من الأمريكيين وأخذهم كرهائن.

المشكلة في تعاملات أوباما مع إيران أنه لم يكن مرغما في منح الجمهورية الإسلامية كل هذه المبالغ نقدا.

وفي الحقيقة، لقد حول أوباما مبالغ لإيران أكثر مما كانت تحتاجه. وللأسف، استفاد كل من حزب الله اللبناني، والحرس الثوري الإيراني من استخدام تلك الأموال لدعم نشاطات الإرهاب.

وحتى مع وجود بعض التحقيقات من قبل السلطات الحكومية، فلم يتم اتخاذ أي موقف حيال تلك الاتهامات الخاصة بتحويل الكثير من الأموال نقدا إلى الحكومة الإيرانية، والتي يمكن نعتها بأنها كانت غير قانونية.

وحسب تقرير حكومي أمريكي صادر عن اللجنة الفرعية الدائمة للتحقيقات الخاصة بمجلس الشيوخ الأمريكي: فان المسؤولين بإدارة أوباما أرغموا وزارة الخزانة الأمريكية على السماح لإيران بتحويل مبلغ وقدرة 5.7 مليارات دولار أمريكا كان مودعا في بنك مسقط في سلطنة عمان من عملة الريال إلى الدولار الأمريكي إلى عملة اليورو في نهاية المطاف، بالإضافة إلى هذا، أنه أثناء كل هذه التعاملات المالية كانت إيران تتصدر قائمة الدول الراعية للإرهاب حسب تصنيف وزارة الخارجية الأمريكية.

لكن أوباما لم يفعل أي شيء لإرغام نظام آيات الله على تغيير سياستهم واستراتيجياتهم التي تنشر الإرهاب. ومن الأهمية بمكان ذكر أن الاتفاق النووي الإيراني سمح لطهران بتحرير مبلغ لصالحها يقدر بحوالي 100 مليار دولار.

ويعزو هذا إلى أن رفع العقوبات الاقتصادية على إيران سمح لها بالحصول على مصادر مالية عديدة، استطاعت إسعاف الاقتصاد الإيراني الذي كان على وشك الانهيار.

من جانبه، شجب أوباما تدخل وكالة المخابرات الأمريكية في الانقلاب الذي أعاد الشاه للحكم في أغسطس 1953.

وفي هذا المنهج، لم يكن الرئيس الأمريكي على دراية بالوضع السياسي المعقد الذي كان قائما في إيران خلال ذاك الوقت. عندما حدث انقلاب عسكري في إيران في ذلك التاريخ، كانت منطقة الشرق الأوسط منقسمة حسب ظروف الاستقطاب التي أحدثتها الحرب الباردة.

لقد كان الشرق الأوسط منقسما ما بين معسكر مواليا للولايات المتحدة الأمريكية ومعسكرا آخر مواليا الاتحاد السوفياتي.

من الواضح بمكان أن الرئيس بايدن يعطي إيران أيضا الفرصة بأن تكون القوة الوحيدة المهيمنة على منطقة الشرق الأوسط.

ويحدث هذا عن طريق دعم إيران لوكلائها في سوريا، والعراق، ولبنان، واليمن، ومنطقة البحر الأحمر.

والأمر الجلي للكل هو أن الرئيس بايدن يمارس ضغوطا عديدة على الكثير من الدول حتى تقبل إيران وسياستها الخارجية على أنها وقائع استراتيجية لا يمكن تهديها أو معارضتها.

وهذا أمر خاطئ تماما من تلك الادارتين بالثقة بأن إيران تستطيع أن تكون عامل يتسم بالعقلانية في سياساته الخارجية على مستوى الساحة الدولية.

أن النظام الإيراني يتشبث بعقيدة إرهابية تنص على ضرورة نشر الفوضى وعدم الاستقرار داخل مجتمعات الدول المختلفة له. إنها عقلية مكونة بايدلوجية الإرهاب. أن ممارسات إيران الارهابية منافية لمبادئ وتعاليم الديانة الإسلامية العظيمة والتي تتسم بالتسامح.

في نهاية المطاف، أن كلا من الرئيس أوباما والرئيس بايدن مارسا سياسة مهاودة إيران.

لكن تلك السياسة قد فشلت. أن التراخي أمام إيران ومنحها الكثير من التنازلات يعطى الفرصة لطموحات القادة الإيرانيين بأن يكونوا أكثر عدوانا في سياساتهم الرامية إلى زعزعة استقرار الدول العربية ودول العالم الإسلامي.

لا قدر الله، تبدو منطقة الشرق الأوسط على شفا حفرة من الحرب، وهذا الامر يستدعي تدخل الدولة ذات السياسات الحسنة مثل المملكة العربية السعودية لمنع وقوع حرب أو غيرها من الاختيارات السيئة للمنطقة. لكن يجب أن يدرك كل فرد عاقل بأن كلا من سياسيات الرئيس أوباما والرئيس بايدن جعلتا من إيران دولة أكثر عدوانية. الكل يأمل أن تتغير تلك السياسة في القريب.

@mr_alshammeri