نبيل عبدالحفيظ الحكمي

هل نستفيد من «النجوم الصاعدة» في التقنية الحيوية؟

الأربعاء - 21 فبراير 2024

Wed - 21 Feb 2024


في ظل التحولات الكبرى التي شهدها العالم بعد جائحة كورونا (COVID-19)، برزت أهمية قطاع الصناعات الدوائية والتقنية الحيوية، كأحد أبرز مجالات الابتكار والاستثمار.

في هذا السياق، تتجلى فرص وتحديات جديدة تحتم علينا استكشافها وتقييم أثرها العالمي.

عام 2023، كان عاما مختلفا للصناعات الدوائية والتقنية الحيوية، إذ أظهرت كل من دولة الصين وألمانيا تراجعا ملحوظا في هذا القطاع.

شهدت الصين انخفضا في القيمة السوقية لقطاع الدواء بنسبة 10%، نتيجة التحديات التنظيمية والاقتصادية.

وشهد السوق الدوائي الألماني، انخفاضا متواضعا بحوالي 2%، ما يعكس تأثيرات مختلفة عالمية.

في المقابل، تميزت كل من: الولايات المتحدة، واليابان، وسويسرا، وفرنسا، بمرونة واستقرار لافتين.

فقد استفادت هذه الدول من البنى التحتية المتقدمة واستثمارات مكثفة في البحث والتطوير، وهو ما أثمر عن ابتكارات بارزة.

وشهدت كذلك كل من: دولة إيطاليا، وكوريا الجنوبية، وأستراليا، نموا متزايدا بمعدلات تراوح بين 4% و7%.

وأيضا برزت كل من: دولة هولندا، والسويد، وبلجيكا، وإسبانيا، والهند، نجوما صاعدة في هذا المجال، مسجلة نموا يراوح بين 20% و35%. هذا النمو اللافت يعزى إلى الاستثمارات الطويلة الأجل في الابتكار وتوسيع القطاعات المتعلقة بالتقنية الحيوية والصناعات الدوائية.

كما قامت دولة الهند، بفضل قاعدتها القوية في تصنيع الأدوية الجنيسة، وتقدمها الملحوظ في إنتاج اللقاحات، إذ قدمت نموذجا يحتذى به في الاستفادة من فترة ما بعد الجائحة.

الموقف الداعم من الحكومة الهندية للشركات الناشئة في مجال التقنية الحيوية والصحة الرقمية، أسهم في تعزيز القطاع بشكل كبير.

عزيزي القارئ، تستطيع المملكة العربية السعودية استغلال القدرات البشرية المتخصصة المحلية، وتشجيع الابتكار خلال سياسات داعمة، مما يسهم في تطوير قدراتها التصنيعية في الصناعات الدوائية.

قد يكون تبني نهج مشابه للهند في مجال التصنيع الدوائي، ممكنا للمملكة في تعزيز ريادتها العالمية في مجال الرعاية الصحية والتقنية الحيوية.

دولة الدنمارك تميزت بقوة سوقية متفردة، مدعومة بتصدير وتطوير الأدوية، ونظام بيئي قوي للشركات الناشئة.

يعكس هذا التنوع في الأداء العالمي أهمية التحولات الديموغرافية، انتشار الأمراض المزمنة، التقدم في الطب الشخصي، والصحة الرقمية.

بالنسبة للمملكة، تُعد هذه الاتجاهات والتجارب فرصة لاكتساب رؤى جديدة، وتطوير استراتيجيات فعالة لتعزيز قطاع الرعاية الصحية.

من الضروري التركيز على الاستثمار في البحث والتطوير، وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص، ودعم التعليم في مجال علوم الحياة بشكل عام.

كما أن التركيز على التصنيع في مجال الرعاية الصحية وتطوير نظام بيئي للشركات الناشئة، سيسهم في تحقيق نمو ملحوظ على المتوسط والبعيد.

في ظل رؤية 2030، ووجود استراتيجية وطنية للتقنية الحيوية متميزة ونوعية، والتي أطلقها سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء (حفظه الله)، تقف المملكة على أعتاب تحول كبير في قطاع الرعاية الصحية، مستفيدة من التوجهات العالمية الرائدة.

يبرز هنا دور الاستثمار المتزايد في مجال البحث والتطوير كركيزة أساسية لتحقيق هذا التحول، إذ يعد الابتكار والتطور التقني في الرعاية الصحية عاملا حاسما في تعزيز جودة الخدمات والمنتجات الصحية.

إضافة إلى ذلك، يعد التركيز على التصنيع في مجال الرعاية الصحية خطوة استراتيجية نحو تعزيز الاكتفاء الذاتي، وفتح آفاق جديدة للتصدير.

تطوير هذا القطاع سيؤدي ليس فقط إلى تحقيق النمو الاقتصادي، بل وإلى تعزيز قدرات المملكة في الابتكار والتنافسية العالمية.

وأخيرا، تطوير نظام بيئي متكامل للشركات الناشئة في مجال الرعاية الصحية، سيكون له أثر بالغ في تحفيز الإبداع والابتكار.

هذه البيئة التي تشجع على ريادة الأعمال وتوافر الدعم اللازم لنمو الشركات الصغيرة والمتوسطة، ستسهم في خلق مناخ ملائم لتبادل الأفكار الجديدة وتطوير حلول صحية مبتكرة.

بهذا التوجه، تسير المملكة العربية السعودية بخطى ثابتة نحو تحقيق رؤيتها لـ2030، مؤكدة دورها الفاعل والمؤثر في قطاع الرعاية الصحية على المستوى العالمي.


nabilalhakamy@