مازن عبدالوهاب كردي

النظرة القانونية للتذاكر الالكترونية

الأربعاء - 22 ديسمبر 2021

Wed - 22 Dec 2021

ظل الإنسان زمنا طويلا يحلم بالطيران والبقاء في الجو مدة طويلة، فمنذ أن حاول عباس بن فرناس البقاء في الجو لكن حلمه لم يتحقق، بل كان نافذة وطريقا واضحا استعان به العلماء من بعده فقد استطاع - إخوان رايت - من صنع أول طائرة التي كانت مكونة من خشب وقماش حتى يكون وزنها خفيفا سنة 1903م ، وخلال القرن العشرين تم صنع أجهزة قادرة على الارتفاع والتحليق في الجو والابتعاد عن الأرض في اتجاه الكواكب الأخرى كالقمر.

فإذا كانت الحركة طابع عصرنا فمن الطبيعي أن يصبح النقل الجوي ضرورة من ضرورياته وذلك لاستئثار وسيلته بسرعة فائقه تمكنها من وصول ما بعد من المسافات في زمن قصير تعجز عن تحقيقه غيرها من مركبات النقل الأخرى.

فيعد النقل الجوي أحد الدعائم الأساسية التي يركز عليها النشاط الاقتصادي في العصر الحديث الذي أصبح الحركة فيه ضرورية جدا إذ فلولاه لوجب استهلاك السلع في الأمكنة التي تصنع فيها مما يؤدي إلى شل حركة التبادل التي هي روح الحياة الاقتصادية وتعتبر في الوقت ذاته واحدا من المعايير التي يقاس على ضوئها مدى تقدم الدول ونهوضها لدرجة صيرورته لم تعد الحركة وحدها مميزة لهذا العصر، بل طغت عليها التقنية الهائلة الذي أدى إلى استحداث فروع جديدة في القانون الجوي ولعل أبرزها وأكثرها حداثة ما يسمى بقانون الفضاء ذلك التقدم الذي صار معه الوسط الذي تحياه الإنسانية اليوم.

لهذا لم يعد النقل الجوي لهوا لمحبي المغامرة أو وقفا على طبقة مميزة بل صار للكافة وازدادت أهميته في مجالي الركاب والبضائع بل إن تناقص الأخطار الجوية إذ أمكن حصرها في أضيق مجال بحيث أصبحت الطائرة أكثر أمنا من وسائل النقل الأخرى وأشد منافسا لها، وبعد أن تأكدت السلامة الجوية كمبدأ يسود الطيران التجاري ولم تعد ضربا من ضروب الخيال، وللتدليل على صحة ما تقدم بالإمكان تصفح الإحصاءات الرسمية الصادرة من منظمة الطيران المدني الدولي (ايكاو) أو من المنظمات الإقليمية بشؤون الملاحة الجوية.

اشترطت اتفاقية وارسو لانطباق أحكامها على النقل الجوي أن يتم النقل بواسطة طائرة وهذا أمر منطقي بل بديهي لأن الاتفاقية مرصودة للنقل الجوي فلا تمتد أحكامها لتغطية أنواع النقل الأخرى حتى ولو اتفق في عقد النقل على ذلك بل أكثر من ذلك يؤدي تخلف هذا الشرط إلى الخروج كليا من مجال القانون الجوي والدخول في نطاق فرع آخر من فروع القانون.

أما ما المقصود بالطائرة؟ فالإجابة على هذا التساؤل على جانب كبير من الأهمية بالنسبة لأطراف عقد النقل من ناحية وفيما يتعلق بتحديد القواعد القانونية الواجبة التطبيق من ناحية أخرى.

فقد يكون لأطراف عقد النقل مصلحة أكيدة في التمسك بإضفاء وصف الطائرة على أداة النقل أو في نفيه عنها كما تظهر، كذلك من حيث تحديد القواعد القانونية الواجبة التطبيق، الأهمية القصوى لبيان المقصود بالطائرة بالنظر للمستحدثات التكنولوجية التي تفتقت عنها عبقرية العقل البشري والمتمثلة في ذلك الإدارة الجديدة المستعملة في النقل والتي يطلق عليها (المركبة ذات الوسادة الهوائية) وهي مركبة تسير على ارتفاع (38) بوصة فوق سطح الماء أو اليابسة منزلقة على وسادة هوائية.

ويتبين من هذا التعريف أن هناك شرطين ينبغي توفرهما لاعتبار المركبة طائرة فالشرط الأول: أن يكون رد فعل الهواء هو العامل الرئيس لبقاء الآلة في الجو فينتفي عن الآله وصف الطائرة إذا كان رد فعل الهواء عاملا ثانويا لبقائها في الجو أما الشرط الثاني: ألا يكون رد فعل الهواء منعكسا من سطح الأرض بمعناها الواسع الذي يشمل اليابسة والماء.

وبمجرد انعقاد عقد النقل الجوي هناك التزامات متبادلة على عاتق طرفيه الناقل من ناحية والمسافر من ناحية أخرى وعلى ذلك سوف أعرض الالتزامات الناشئة عن نقل الأشخاص:

الالتزامات المترتبة على الناقل (شركة الطيران):

1 - يلتزم بمجرد إبرام عقد النقل بتزويد المسافر بتذكرة سفر مشتملة على البيانات المتطلبة قانونيا، ويجب على المسافر معرفة شروط النقل والتنور بها قبل رحيله وهي التي تدون على التذكرة.

2 - لنقل المسافر من مكان القيام إلى مكان الوصول على متن طائرة صالحة للملاحة الجوية فإن تقاعس وامتنع عن هذا الالتزام بأن منع المسافر من السفر أو إلغاء المقعد المحجوز له أو إلغاء الرحلة كليا فأصبح الناقل في ذمته التعويض.

3 - يقع على عاتق الناقل الالتزام بضمان سلامة المسافر أثناء الرحلة ونقله إلى المكان الذي يقصده دون تأخير وقد عالجت اتفاقية وارسو والبروتوكول في موادها فإنه يجب على الناقل أن يسهر على راحة الركاب ورعايتهم طوال الرحلة وإذا تعطلت الطائرة لأي سبب يجب على الناقل توفير الغذاء والمأوى أو استئناف الرحلة ونقلهم بطائرة أخرى.

4 - لا يقتصر التزام الناقل على نقل المسافر فقط بل بنقل أمتعته الشخصية والحفاظ عليها ونقلها بنفس طائرة المسافر وإذا تعذر على الناقل فيمكن نقل الأمتعة على طائرة أخرى مغادرة في أقرب وقت وواصلة إلى نفس المكان.

5 - يلتزم الناقل في حال عدم تنفيذ الرحلة لأي سبب وبشرط ألا يكون ذلك راجعا لخطأ ما سببه المسافر بأن يرد له كل أو بعض أجرة النقل المدفوعة بحسب الأحوال.

التزامات المسافر:

1 - يلتزم بدفع أجرة النقل وهذا هو الالتزام الرئيس الذي يقع على عاتقه.

2 - يلتزم باحترام تعليمات الناقل الذي تحتم عليه ضرورة تواجده في مطار القيام -المغادرة- في الميعاد الذي تحدده جداول مواعيد الناقل تمهيدا للإقلاع وأيضا مراعاة اللوائح الإدارية ولوائح الضبط والصحة والجمارك فإن خالف الراكب هذه التعليمات كان للناقل أن يرحل دون انتظاره ولا مسؤولية تقع عليه في هذه الحالة؛ لأن المصلحة الجماعية في بدء الرحلة الجوية في موعدها أولى بالرعاية من مصلحة راكب واحد مهمل.

3 - نظرا لأن تذكرة السفر لا تعطي للمسافر الحق في الانتقال عن طريق الجو بطريقة تلقائية إلا إذا قام بحجز مكان له على الطائرة يتعين عليه أن يوفي هذا الالتزام.

4 - بعد انتشار حوادث الإرهاب وخطف الطائرات أصبح المسافر ملزما بالخضوع لإجراءات التفتيش الذاتي التي تقوم بها سلطات المطار قبل السماح له بالتوجه إلى الطائرة.

ومما سبق ذكره نجد أن شركات الطيران الخاصة في مملكتنا الحبيبة قد نهجت المنهج السليم والقانوني في ماهية التذاكر من إصدار القوانين والالتزامات، بل تقدمت عن غيرها من الدول في شكل التذاكر، حيث بادرت في استخدام العقول الالكترونية ونظم المعلوماتية لتسهيل معاملاتها مع جمهور المستفيدين (الركاب) في خدمة النقل التي تقدمها.

منذ بضعة أشهر بدأت شركات الطيران باستخدام جيل جديد من تذاكر السفر، حيث ولدت التذاكر الالكترونية التي تعد إنجازا جديدا مواكبا للتقدم من جهة الأحكام القانونية والاتفاقيات الدولية من جهة أخرى.

فلم تفرض اتفاقية وارسو أو بروتوكول لاهاي نموذج معين لتذكرة السفر يتعين اتباعه عند إصدارها وقد نصت الاتفاقية أنه إذا سلم الناقل ورقة عادية «التذكرة الالكترونية» إلى الراكب مشتملة على البيانات التي تنبهه إلى الصفة الدولية للنقل وخضوعه إلى المسؤولية المحددة التي قررتها الاتفاقية فإنه يكون قد أوفى بالتزامه بإصدار تذكرة السفر.

ومع التمحص في التذاكر الالكترونية تبين أنها تشمل ما هو واجب فعلا من بيانات وهي:

1 - مكان وتاريخ الإصدار، والحكمة من ذلك هو تحديد مكان المنشأة التي تولت على الناقل إبرام العقد وإصدار التذكرة وذلك التحديد يفيد في تحديد المحكمة المختصة بنظر النزاع طبقا للمادة (28) من الاتفاقية.

2 - نقطتا القيام والوصول، الحكمة من ذلك توضيح إذا كان النقل داخلي أو دولي، وذلك لتطبيق اتفاقية وارسو لو كان النقل دولي أو لتطبيق القانون الوطني لو كان النقل داخلي.

3 - المحطات المنصوص عليها، مع الاحتفاظ للناقل بحقه في النص على إمكانية تعديلها عند الضرورة، وذلك دون أن يؤدي ذلك التعديل إلى زوال الصفة الدولية للنقل.

4 - اسم وعنوان الناقل أو الناقلين، والحكمة من ذلك هو تعيين الشخص المسؤول الذي يقاضيه المضرور.

5 - يجب أن يكون هناك نص لخضـوع النقل لنظام المسؤولية المقررة في اتفاقية وارسو، والحكمة من ذلك هو معرفة نية الراكب الخاضع للنقل الذي ينوي القيام به.

عزيزي القارئ قد ولدت حديثا شركات نقل جوي (طيران خاص) بالسوق السعودي تقوم ببيع تذاكرها عن طريق الشبكة العنكبوتية، ليتمكن المسافر من شراء التذكرة بعد الدخول إلى مواقعها الالكترونية لإدخال معلوماته الشخصية بالإضافة إلى إدخال رقم حسابه الائتماني، ليحصل على بطاقة الصعود - بوردنغ باس -، وما تبقي على المسافر إلا التوجه إلى المطار للسفر، وسفرا سعيدا.