ياسر عمر سندي

عن بُعد.. وماذا بعد؟

الأربعاء - 10 مارس 2021

Wed - 10 Mar 2021

بسبب جائحة كورونا وللسنة الثانية تستمر الدراسة عن بُعد عقب القرار الأخير الصادر عن وزارة التعليم، التي لم تأل جهدا في بذل الغالي والنفيس خصوصا من كادرها التعليمي من المعلمين والمعلمات لتذليل العقبات أمام الطلاب والطالبات لإنجاح العملية التعليمية على مختلف المراحل والمستويات.

لا يخفى على كثيرين في هذه الآونة ما نتج من آثار سلبية تسبب بها فيروس كورونا، ونعلم أن ما يتم بذله من قرارات وتوجيهات هي بمثابة المحاولات العلاجية لتخطي هذه المرحلة بسلام وأيضا للمحافظة على الناحية التواصلية بين المعلم والطالب على مدار الفترتين الصباحية والمسائية، لكيلا يفقد الطلاب فرصة الاستفادة من المعلومة الدراسية والتي أعتقد أنها لا تتجاوز حاليا نسبة 70%.

علم النفس التربوي ركز على المعلم والمتعلم على المستويين النظامي في المدارس وداخل الفصول، وغير النظامي أي خارج أسوار المدرسة كالأساليب التي يتبعها المعلمون مع الأسر في التعليم بالترفيه أو التعليم بالمحاكاة أو التعليم بالمواقف، وبما أن المستويين قد انخفض أثرهما إلى حد كبير إلا أن الرابط ما زال منعقدا قدر الإمكان وإن حاولت الجائحة حلحلة وثاقه.

الدوام الدراسي يساعد كثيرا في دعم الأسر لضبط الأبناء من حيث النوم والاستيقاظ المبكر والاستذكار والمواجهة المباشرة بين المعلم والطلاب بمجتمع المدرسة، بالإضافة للانضباط السلوكي الحاصل في المنزل، من حيث تنظيم وقت الأسرة كالدخول والخروج وساعات الأكل والشرب ونوعيته، والبعد عن العشوائية التي تحدث من الأبناء في النوم والسهر إلى ما بعد الفجر.

بحسب آراء المختصين في علم النفس المعرفي فإن العقل يكون في أشد حالات الاستعداد لتفعيل العمليات المعرفية العليا كالانتباه والإدراك والفهم والتحليل والتصور في الساعات الأولى من الصباح، وما يحدث حاليا من بعض الطلاب للأسف هو السهر المتواصل الذي يفقدهم الالتحاق بالمنصات وتفويتها وإهمالها أو أنهم يستمرون في مواصلة الجلوس على المنصة حتى يصابوا بالإنهاك، وغالبا ما يتم الدخول من شخص آخر من أفراد الأسرة كالأخ أو الأب أو الأم ليلعبوا دور الطالب إلى أن ينتهي اليوم الدراسي.

هذه الجائحة من المفترض أنها ساعدت بطريقة غير مباشرة في إيجاد حلول مستقبلية بمجال التعلم والتعليم، من منطلق رب ضارة نافعة، وهذا النفع المتعدي الذي قد نلمسه ربما ينعكس إيجابا على أبنائنا الطلاب والعملية التعليمية والتربوية بصفة عامة.

من وجهة نظري السلوكية والمعرفية، أرى أولا أنه يجب التفكير بعد هذه الخبرة بفتح المجال لآلية العصف الذهني الحر والمستمر من أبناء وزارة التعليم، لرسم الاستراتيجيات المرحلية الآنية والمتوسطة وطويلة المدى لتلافي تكرار ما حدث.

ثانيا اعتماد منهجية التعلم الجماعي في التدريس والتعليم عن طريق «المدارس الداخلية» أو ما يسمى «بنظام المعسكرات الكشفية الطلابية»، وهذا الأسلوب ليس بالجديد قطعا، فقد طبقته المملكة قديما في فترات الخمسينات والستينات الميلادية، وكذلك ما زالت تعتمده بعض المدارس الأجنبية خاصة في بريطانيا وأمريكا وكندا وألمانيا، وفكرة هذه المدارس أن تقوم بعض الأسر بإيداع أبنائها في المراحل العمرية الأولية والمتوسطة والثانوية في دور خاصة لقضاء فترة الدراسة لمدة عام دراسي كامل، ومن ثم يعودون لأسرهم أثناء العطلات الصيفية، وربما يشاركهم المعلمون والمعلمات وبقية الموظفين في أنشطة صفية ولا صفية خارج مدنهم وأماكن إقامتهم الأصلية.

النظام الملزم للمدارس الداخلية يهيئ الطلاب نفسيا ومجتمعيا ويضبطهم سلوكيا، ويعزز فيهم روح المثابرة والتحدي والاستقلال والاعتماد على الذات، من خلال تجربة هذه المنهجية وتطبيقها ومحاكاة السابقين لها على سبيل المثال لمدة خمسة أعوام لمن يرغب، وفتح المجال الخاص أمام رجال الأعمال للمشاركة والاستثمار الحقيقي في هذا المشروع التعليمي الوطني، بالاستثمار العقلي المستدام المرتكز على المعرفة والخبرة التي ستساعد المنظومة ككل، للنهوض بمجتمع حيوي لنرى في المستقبل شبابا متطورا وواعيا للاعتماد عليهم وتمكينهم بتولي المناصب القيادية في الدولة.

@Yos123Omar