عبدالمعين عيد الأغا

الدهون الحشوية العنيدة

الأربعاء - 17 أبريل 2024

Wed - 17 Apr 2024


من أصعب الأمور التي أرصدها في عيادتي بشكل مستمر وجود أطفال يافعين وقد ظهرت عليهم ملامح الكرش، وبسؤالهم عن السبب لا يكون لديهم رد واضح ولكن من هيئتهم يتضح عدم ممارستهم لأي نشاط رياضي، وطبيعة الأطعمة غير الصحية التي يتناولونها، وإكثارهم من الوجبات السريعة ذات الدهون العالية والسعرات، وغيرها وغيرها، وبالطبع مع مرور الوقت يصبح ذلك الطفل اليافع الذي كان يوما ما رشيقا يبدو بهيئة جديدة وأكثر ما يكون اللافت فيه هو ظهور «الكرش».

هناك نوعان رئيسان لدهون منطقة البطن، وهما: الدهون الحشوية وهي الدهون المحيطة بالأعضاء الداخلية، وتعتبر من أنواع الدهون الأكثر خطورة على الإنسان، لذا ينصح ويفضل خسارتها في أسرع وقت، والنوع الآخر دهون أسفل الجلد وهي الدهون المتواجدة تحت الجلد مباشرة ولكنها لا تحيط بأي أعضاء داخلية.

لا شك أن دهون البطن والتي -كما أوضحت- تعرف باسم الدهون الحشوية- تعد أكثر من مجرد شيئا مزعجا للإنسان، إذ تجعل ملابس الفرد أضيق سواء كان الشخص صغيرا أو كبيرا، وبذلك فإن هذه الدهون تعتبر مشكلة صحية كبيرة وخطيرة، لكونها تزيد فرص وخطر التعرض لبعض الأمراض مع مرور الوقت وتوفر العوامل، ومنها داء السكري من النوع الثاني (غير المرتبط بالأنسولين)، وأمراض القلب والشرايين، ومضاعفات أخرى كثيرة، فصحيا تعتبر «الدهون الحشوية» من أسوأ الأمور التي يمكن أن تلحق الضرر بالأعضاء الحيوية للإنسان وتضيق الأوعية الدموية.

ويظل السؤال: من أين يكتسب الفرد هذه الدهون العنيدة والمزعجة؟ وكيف يمكن التخلص منها؟.
هناك عوامل ومسببات عديدة تمهد مع الوقت إلى اكتساب هذه الدهون منها: تناول الوجبات غير الصحية وتجاهل الأطعمة المفيدة للجسم كالخضراوات والفواكه، عدم ممارسة أي نشاط رياضي يساعد في حرق الدهون والسعرات، الإكثار من تناول المشروبات السكرية الجاهزة عالية السعرات الحرارية، عدم تناول الماء بالكمية المطلوبة والكافية، فالدراسات تشير إلى أن شرب الماء بالكمية المعتدلة يوميا يساعد على خفض الدهون في البطن كونه لا يكسب الجسم سعرات حرارية، كما يمكن أن تلعب الوراثة أيضا دورا في نمو الدهون الحشوية، ومن العوامل التي قد لا تخطر على بال أحد هو السهر، إذ لا تقتصر سلبيات قلة ساعات النوم والسهر لساعات متأخرة على نعاس النهار والخمول والكسل وتقلب المزاج بل يتعدى ذلك إلى تغير إنتاج هرمون اللبتين والجريلين، وهما هرمونان ينظمان الشهية، ويمكن أن يزيد ذلك من الشعور بالجوع، إذ يؤدي عدم النوم بشكل كاف إلى زيادة إنتاج الكورتيزول، وهو هرمون التوتر الذي يخبر الجسم بالاحتفاظ بالدهون حول البطن، كما وجد الباحثون في جامعة ويك فورست، أن الذين ينامون ساعات أقل من المعدل المطلوب يوميا (7-8) ساعات كل ليلة تزيد لديهم دهون البطن بمقدار 2.5 مرة عن الأشخاص الذين يحصلون على ساعات كافية من النوم.

وبعد أن أدركنا مسببات الدهون الحشوية في البطن يبقى كيفية مواجهتها بالطرق الصحية والسليمة والتي تتمثل في: اتخاذ قرار إنقاص الوزن بالإرادة والعزيمة، ممارسة الرياضة، تناول الأطعمة الصحية مع الحرص على الخضراوات والفواكه الطازجة، الحد من الدهون والسكر والملح والوجبات السريعة والأطعمة الجاهزة والمعلبات، اختيار مصادر البروتين الخالية من الدهون ومنتجات الألبان قليلة الدسم، الحرص على النوم الصحي لساعات كافية، بما لا يقل عن 7-8 ساعات يوميا، الاهتمام بمصادر الأغذية التي تحتوي على الكالسيوم، وفيتامين D، تجنب التوتر والإجهاد لكونهما يشجعان على تناول الأطعمة الغنية بالدهون والسكريات فهذا المزيج هو اختصار لاكتساب دهون البطن، الحرص على تناول الماء لكونه يساعد على الشبع ويحمي من الجفاف والإمساك، وأخيرا تجنب التدخين بكل أشكاله وأنواعه، فقد وجدت دراسة حديثة أعدها باحثو جامعة كوبنهاغن، أن التدخين قد يزيد من دهون البطن وتحديدًا الدهون الحشوية.