ما الذي يتناقش حوله السعوديون اليوم؟
السبت - 20 أبريل 2024
Sat - 20 Apr 2024
إذا أردت أن تعرف حدود القوة والنجاح لمجتمع ما، فراقب المواضيع التي يتناقشون حولها.
فعلى سبيل المثال لن تجد في دولة تتصدر النمو الاقتصادي في العالم مثل الصين نقاشا حول الأيديولوجيات.. المواطن الصيني غير مهتم بالسياسة ولا يهدر وقته في متابعة الأخبار السياسية.. هذه طبيعة الشعب الصيني إنه منهمك في العمل والإنتاج والتقدم العلمي والاقتصادي.
هذه الحالة كانت موجودة لدى الشعب الأمريكي في مطلع الثمانينيات وحتى نهاية التسعينيات الميلادية لم يكن غالب الشعب الأمريكي مهتما بالسياسة وكان المواطن الأمريكي لا يعرف أغلب ما يدور حوله في العالم، لكنه كان منهمكا على ذاته بشكل كبير فلغته الشائعة آنذاك هي لغة ريادة الأعمال والمشاريع الابتكارية والتقنيات الحديثة وتطوير الذات وكانت الموجة الصاخبة حينها للأفكار المتعلقة بالتأمل والنجاح الشخصي وقوة الإرادة والإلهام.. اليوم نلاحظ أن أمريكا تتراجع بشكل ملاحظ على أصعدة كثيرة جدا، حيث أصبح المواطن الأمريكي مشغولا بمواضيع السياسة وتحولت النقاشات الإعلامية إلى نقاشات أيديولوجية أوجدت انقساما خطيرا في المجتمع الأمريكي أدى إلى أن تكون الدولة أضعف مما كانت عليه سابقا على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
ولو ألقينا نظرة شاملة للعالم اليوم، نجد أن المجتمعات الغارقة في مواضيع السياسة والاستقطاب السياسي والحوارات الأيديولوجية هي أكثر الدول تخلفا وتقهقرا اقتصاديا وعلميا.
لم يسلم المجتمع السعودي من صراعات الأيديولوجيا فترة طويلة من الزمن بدءا من نهاية التسعينيات وحتى عقد كامل من مطلع الألفية الجديدة ومع ظهور الفضائيات وثورة الإنترنت ووسائل التواصل كانت أغلب المنصات الإعلامية تستضيف حلبات مصارعة للحوارات الأيديولوجية والسياسية بين من يسمون أنفسهم المحافظين والليبراليين. واختزل المجتمع السعودي في هذين الصوتين المتصارعين، والحقيقة أن المجتمع السعودي شعب شديد التنوع ومتعدد الثقافات ويزخر بشريحة كبيرة من الشباب الطموح الذين يمتلكون الرغبة الجادة لتحقيق ذواتهم، والمشاركة في إنجازات التنمية والوطن بعيدا عن أي تجاذبات سياسية وأيديولوجية.
ولكن ما الذي تغير اليوم؟ إننا لم نعد نر تلك الهرطقات التي أشغلت المجتمع السعودي عقودا من الزمن فيما لا طائل من ورائه، لم يكن المجتمع السعودي بحاجة لطرح المحافظين المبني على الريبة والتشدد والشك؛ لأن مجتمعنا يتبنى القيم والأخلاق الحميدة في غالب شؤون حياته، وهو شعب متدين بفطرته، ويلتزم بشعائر الإسلام وحدوده بشكل طبيعي ومعتدل.
كما أنه لم يكن بحاجة للمتصدرين ممن يدعون أنهم يحملون فكرا تقدميا وليبراليا والحقيقة أنهم ما كانوا إلا أشخاص انتهازيون لمنصات الإعلام والشهرة، مثيرين للغوغاء والفتنة.. فالشعب السعودي يعرف أن الحرية والعدالة الاجتماعية في جوهرها منتهى المسؤولية، وأن الأمن والاستقرار والوحدة الاجتماعية خير طريق لها.
إن من يراقب وسائل الإعلام السعودي اليوم؛ الرسمية منها وغير الرسمية، ومن يتابع كذلك وسائل التواصل الاجتماعي ومقدمي المحتوى من السعوديين بمختلف اتجاهاتهم وانتماءاتهم الدينية أو المناطقية أو الثقافية يجد أن لغة السعوديين اختلفت اختلافا كبيرا وتوحدت في بوتقة واحدة حيث لا صوت يعلو على صوت التنمية والعمل والإنجاز.
إن الحديث كله يدور في جو ثقافة التكنوقراط، لم تعد النقاشات الأيديولوجية والسياسية اليوم تلقى أي اهتمام من المجتمع السعودي، إن اهتمامهم ومتعتهم اليوم هو الاستماع لرموز المجتمع من رواد الأعمال والوزراء والعلماء والأطباء والمهندسين والتنفيذيين والناجحين من القدوات الاجتماعية التي حققت شيئا ملموسا للوطن، وليس أصحاب الطنطنة والكلام الكثير الذي ليس له أي واقع ملموس في حياة الناس.
اليوم؛ الشباب السعودي لم يعد يناقش هل يحق للمرأة السعودية أن تقود السيارة؟ أو يناقش هل تجوز مشاركتها في سوق العمل؟ ولم يعد يناقش أمور السياسة والأحزاب وحق التصويت وحرية التعبير وكل هذه الشعارات الرنانة التي يدس خلفها الكثير من السموم، وإثارة الخصومات، والاستقطاب المجتمعي، وتدمير الأوطان.
إنه منخرط كليا في التنمية، وهمومها، وإنجازاتها، وبرامجها، وفرصها المتعددة.. ريادة الأعمال، والتنمية البشرية، وأسس العلاقات، والأسواق الاقتصادية، والرياضة والفن والتقنية والإبداع والابتكار والاحترافية، وإدارة المشاريع، والإعلام، ومجالات التقنية الذكية المختلفة هي الحديث الذي يناقشه السعوديين ويصرفون وقتهم وجهدهم تجاهه.
وإذا أردنا معرفة أسباب هذا التحول الثقافي والاجتماعي الكبير فلا شك أن رؤية المملكة 2030 كانت أحد أهم أسبابها، فالرؤى العظيمة تحتاج إلى قيادة واعدة تطرحها وتغرسها في هيكل النظام الاجتماعي، ومن ثم يكون المجتمع بكافة ممارساته وقودا لنجاحها وتطورها.
والغريب في الأمر أن هذه اللغة والاهتمامات الجديدة للمجتمع السعودي جعلته يكتشف نفسه من جديد، لم يعد المجتمع منقسما بين محافظين وليبراليين أو متدينين وغير متدينين، فاليوم بتنا نلاحظ حتى لغة المناطقية لم تعد لغة للنزاع أو التفرقة أو التمييز بين منطقة وأخرى، لم تعد لغة جافة أو تشير لتعالي فئة من المجتمع على فئة أخرى.. على العكس تماما أصبحت كل منطقة تعرض ثقافتها بكل شفافية وروح معتزة ومندمجة في خريطة الرؤية والوطن.. لم تعد ثقافة منطقة أفضل من مناطق أخرى.. ولم تعد عادات منطقة غير مقبولة لمنطقة أخرى.. ولم تعد معتقدات منطقة تمثل تهديدا لمنطقة أخرى.. لقد تقبل المجتمع الاختلاف لأنه لم يعد يركز عليه من الأساس.. لقد تغير اتجاه العدسة لأمور أكثر نفعا للفرد والمجتمع والوطن.
فهل يمكن لتجربتنا أن تكون رسالة تنوير لمجتمعات عربية وإسلامية أخرى أضاعوا عمر أجيال من مجتمعاتهم في الاستقطاب السياسي والتنازع الأيديولوجي؟ إن العالم اليوم لم يعد بحاجة لمجتمعات مهتمة ومنخرطة في السياسة.. لقد صار هذا الأمر مفرطا للغاية.. إن العالم بحاجة لمجتمعات تبتعد عن الصخب السياسي أو الأيديولوجي وتركز على بناء الذات، وتحقيق الأهداف الشخصية، والعمل بنية حميدة للصالح العام.. إنهم بحاجة للغة التنمية، وترك السياسة للسياسيين.
فعلى سبيل المثال لن تجد في دولة تتصدر النمو الاقتصادي في العالم مثل الصين نقاشا حول الأيديولوجيات.. المواطن الصيني غير مهتم بالسياسة ولا يهدر وقته في متابعة الأخبار السياسية.. هذه طبيعة الشعب الصيني إنه منهمك في العمل والإنتاج والتقدم العلمي والاقتصادي.
هذه الحالة كانت موجودة لدى الشعب الأمريكي في مطلع الثمانينيات وحتى نهاية التسعينيات الميلادية لم يكن غالب الشعب الأمريكي مهتما بالسياسة وكان المواطن الأمريكي لا يعرف أغلب ما يدور حوله في العالم، لكنه كان منهمكا على ذاته بشكل كبير فلغته الشائعة آنذاك هي لغة ريادة الأعمال والمشاريع الابتكارية والتقنيات الحديثة وتطوير الذات وكانت الموجة الصاخبة حينها للأفكار المتعلقة بالتأمل والنجاح الشخصي وقوة الإرادة والإلهام.. اليوم نلاحظ أن أمريكا تتراجع بشكل ملاحظ على أصعدة كثيرة جدا، حيث أصبح المواطن الأمريكي مشغولا بمواضيع السياسة وتحولت النقاشات الإعلامية إلى نقاشات أيديولوجية أوجدت انقساما خطيرا في المجتمع الأمريكي أدى إلى أن تكون الدولة أضعف مما كانت عليه سابقا على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
ولو ألقينا نظرة شاملة للعالم اليوم، نجد أن المجتمعات الغارقة في مواضيع السياسة والاستقطاب السياسي والحوارات الأيديولوجية هي أكثر الدول تخلفا وتقهقرا اقتصاديا وعلميا.
لم يسلم المجتمع السعودي من صراعات الأيديولوجيا فترة طويلة من الزمن بدءا من نهاية التسعينيات وحتى عقد كامل من مطلع الألفية الجديدة ومع ظهور الفضائيات وثورة الإنترنت ووسائل التواصل كانت أغلب المنصات الإعلامية تستضيف حلبات مصارعة للحوارات الأيديولوجية والسياسية بين من يسمون أنفسهم المحافظين والليبراليين. واختزل المجتمع السعودي في هذين الصوتين المتصارعين، والحقيقة أن المجتمع السعودي شعب شديد التنوع ومتعدد الثقافات ويزخر بشريحة كبيرة من الشباب الطموح الذين يمتلكون الرغبة الجادة لتحقيق ذواتهم، والمشاركة في إنجازات التنمية والوطن بعيدا عن أي تجاذبات سياسية وأيديولوجية.
ولكن ما الذي تغير اليوم؟ إننا لم نعد نر تلك الهرطقات التي أشغلت المجتمع السعودي عقودا من الزمن فيما لا طائل من ورائه، لم يكن المجتمع السعودي بحاجة لطرح المحافظين المبني على الريبة والتشدد والشك؛ لأن مجتمعنا يتبنى القيم والأخلاق الحميدة في غالب شؤون حياته، وهو شعب متدين بفطرته، ويلتزم بشعائر الإسلام وحدوده بشكل طبيعي ومعتدل.
كما أنه لم يكن بحاجة للمتصدرين ممن يدعون أنهم يحملون فكرا تقدميا وليبراليا والحقيقة أنهم ما كانوا إلا أشخاص انتهازيون لمنصات الإعلام والشهرة، مثيرين للغوغاء والفتنة.. فالشعب السعودي يعرف أن الحرية والعدالة الاجتماعية في جوهرها منتهى المسؤولية، وأن الأمن والاستقرار والوحدة الاجتماعية خير طريق لها.
إن من يراقب وسائل الإعلام السعودي اليوم؛ الرسمية منها وغير الرسمية، ومن يتابع كذلك وسائل التواصل الاجتماعي ومقدمي المحتوى من السعوديين بمختلف اتجاهاتهم وانتماءاتهم الدينية أو المناطقية أو الثقافية يجد أن لغة السعوديين اختلفت اختلافا كبيرا وتوحدت في بوتقة واحدة حيث لا صوت يعلو على صوت التنمية والعمل والإنجاز.
إن الحديث كله يدور في جو ثقافة التكنوقراط، لم تعد النقاشات الأيديولوجية والسياسية اليوم تلقى أي اهتمام من المجتمع السعودي، إن اهتمامهم ومتعتهم اليوم هو الاستماع لرموز المجتمع من رواد الأعمال والوزراء والعلماء والأطباء والمهندسين والتنفيذيين والناجحين من القدوات الاجتماعية التي حققت شيئا ملموسا للوطن، وليس أصحاب الطنطنة والكلام الكثير الذي ليس له أي واقع ملموس في حياة الناس.
اليوم؛ الشباب السعودي لم يعد يناقش هل يحق للمرأة السعودية أن تقود السيارة؟ أو يناقش هل تجوز مشاركتها في سوق العمل؟ ولم يعد يناقش أمور السياسة والأحزاب وحق التصويت وحرية التعبير وكل هذه الشعارات الرنانة التي يدس خلفها الكثير من السموم، وإثارة الخصومات، والاستقطاب المجتمعي، وتدمير الأوطان.
إنه منخرط كليا في التنمية، وهمومها، وإنجازاتها، وبرامجها، وفرصها المتعددة.. ريادة الأعمال، والتنمية البشرية، وأسس العلاقات، والأسواق الاقتصادية، والرياضة والفن والتقنية والإبداع والابتكار والاحترافية، وإدارة المشاريع، والإعلام، ومجالات التقنية الذكية المختلفة هي الحديث الذي يناقشه السعوديين ويصرفون وقتهم وجهدهم تجاهه.
وإذا أردنا معرفة أسباب هذا التحول الثقافي والاجتماعي الكبير فلا شك أن رؤية المملكة 2030 كانت أحد أهم أسبابها، فالرؤى العظيمة تحتاج إلى قيادة واعدة تطرحها وتغرسها في هيكل النظام الاجتماعي، ومن ثم يكون المجتمع بكافة ممارساته وقودا لنجاحها وتطورها.
والغريب في الأمر أن هذه اللغة والاهتمامات الجديدة للمجتمع السعودي جعلته يكتشف نفسه من جديد، لم يعد المجتمع منقسما بين محافظين وليبراليين أو متدينين وغير متدينين، فاليوم بتنا نلاحظ حتى لغة المناطقية لم تعد لغة للنزاع أو التفرقة أو التمييز بين منطقة وأخرى، لم تعد لغة جافة أو تشير لتعالي فئة من المجتمع على فئة أخرى.. على العكس تماما أصبحت كل منطقة تعرض ثقافتها بكل شفافية وروح معتزة ومندمجة في خريطة الرؤية والوطن.. لم تعد ثقافة منطقة أفضل من مناطق أخرى.. ولم تعد عادات منطقة غير مقبولة لمنطقة أخرى.. ولم تعد معتقدات منطقة تمثل تهديدا لمنطقة أخرى.. لقد تقبل المجتمع الاختلاف لأنه لم يعد يركز عليه من الأساس.. لقد تغير اتجاه العدسة لأمور أكثر نفعا للفرد والمجتمع والوطن.
فهل يمكن لتجربتنا أن تكون رسالة تنوير لمجتمعات عربية وإسلامية أخرى أضاعوا عمر أجيال من مجتمعاتهم في الاستقطاب السياسي والتنازع الأيديولوجي؟ إن العالم اليوم لم يعد بحاجة لمجتمعات مهتمة ومنخرطة في السياسة.. لقد صار هذا الأمر مفرطا للغاية.. إن العالم بحاجة لمجتمعات تبتعد عن الصخب السياسي أو الأيديولوجي وتركز على بناء الذات، وتحقيق الأهداف الشخصية، والعمل بنية حميدة للصالح العام.. إنهم بحاجة للغة التنمية، وترك السياسة للسياسيين.