أحمد صالح حلبي

الجمعيات الخيرية وجائحة كورونا

الخميس - 04 يونيو 2020

Thu - 04 Jun 2020

شكل فيروس كورونا امتحانا لبعض الجمعيات والمؤسسات الخيرية التي اعتقدت أن دورها في مواجهة الجائحة منحصر في اعتمادها على النظم التقليدية المعتمدة على جمع التبرعات المالية والعينية، وتوزيعها على الأفراد والأسر المسجلين لديها، والخروج بتقرير يتضمن كمية المواد التي تم توزيعها وعدد المستفيدين منها، مما يعني تركيزها على الكم دون الكيف.

ومثل هذه الأعمال وإن كانت جيدة لدى البعض إلا أنها تقتل الإبداع والتطوير للجمعية والمستفيدين من خدماتها، نتيجة لتغييب برامج التطوير والإبداع، إضافة لغياب برامج تدريب وتأهيل المستفيدين، خاصة الشباب منهم للاعتماد على أنفسهم من خلال برامج تنمية القدرات وتوظيف الهوايات، ولعل السبب في ذلك عائد لمحدودية فكر بعض القائمين على هذه الجمعيات مما جعلها تقف في موقعها دون تطوير لأدائها.

وخلال فترة منع التجول بمناطق ومدن المملكة شاهدنا عديدا من البرامج الخدمية المقدمة من بعض الجمعيات الخيرية ومراكز الأحياء والمتطوعون من الشباب والفتيات، فكانت برامج جامعة بين تقديم الخدمة للمحتاج، والتوعية والإرشاد لأفراد المجتمع.

وما تحتاج إليه الجمعيات والمؤسسات الخيرية اليوم هو الخروج من القالب التقليدي الذي اعتادت عليه منذ نشأتها، وتسويق خدماتها داخل المجتمع بأسلوب جيد بعيد عن التسول لدى الداعمين، وتنفيذ مشاريع استثمارية مجدية، والعمل على تنويع برامجها وخدماتها، من خلال تنفيذ مشروع متكامل لخدمة الفقراء والمحتاجين والأسر المتعففة، يتضمن الرعاية الشاملة للفرد والأسرة، بدءا من الرعاية الصحية مرورا بكفالة الأيتام وتكريم المتفوقين منهم، وتدريب وتأهيل الشباب والفتيات للعمل، فالجمعيات الخيرية تمثل قناة اتصال وتواصل بين المتبرع والمستفيد للوصول إلى المحتاجين ولا بد لها أن تواكب التطور في العمل الإداري والخيري.

ولا بد أن تواكب الجمعيات الخيرية الواقع، ويعي كل فرد داخلها أن هناك نظما وإجراءات عملية تتبع وليست اجتهادات فردية تؤدى في العمل الخيري، وأن المحسوبيات والعلاقات الشخصية، وتسلط صاحب القرار على زملائه، والرغبة في السير منفردا؛ لن تؤدي إلى عمل مثمر، وأن العمل الجيد يعتمد على التنوع والتنفيذ الفعلي، ومنه تنفيذ برنامج «الأسر المنتجة» الذي تغنت به العديد من الجمعيات الخيرية لكنها لم تنفذه!

والمؤسف أن برنامجا كهذا يدعي الكل دعمه وتشجيعه، وعند التطبيق يغيب الجميع عنه، ولا نرى من يقف داعما له سوى بعض الأفراد!

وهنا أسأل: أليس من واجب الجمعيات الخيرية العمل على تنمية قدرات الأفراد وتشجيعها؟ أم إن ما نقرؤه ونسمع عنه في هذا الجانب مجرد كلمات إنشائية؟

ويبقى الأمل في أن تسعى وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية للعمل على سن لائحة تنظيمية جديدة، تتضمن ضرورة وجود إدارة للبحوث والدراسات، تتولى دراسة الأفكار والمقترحات المطروحة من المستفيدين من خدمات الجمعية وتطويريها، فما نلاحظه على بعض الجمعيات الخيرية تركيزها على الكم دون الكيف، والتباهي بما تم توزيعه من مواد غذائية أو ملابس، دون النظر لحاجة الأفراد أو الأسر لهذه المواد.

[email protected]