زيد الفضيل

الخليج والمشرق العربي محور الصراع العالمي

الأحد - 07 ديسمبر 2025

Sun - 07 Dec 2025



في تعليقه التحليلي حول افتتاح الولايات المتحدة لأضخم قنصلية لها في العالم بمدينة أربيل العراقية عاصمة إقليم كردستان، أوضح مركز الخليج للأبحاث أن ذلك مؤشر لقيام الحكومة الأمريكية بإعادة تموضعها في المنطقة بما يحقق لها التفرد في إدارة المشهد سياسيا واقتصاديا وأمنيا أيضا.

في السياق ذاته، دعت رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني في كلمتها بقمة دول مجلس التعاون الخليجي في مملكة البحرين بالأمس القريب إلى تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية بين دول الخليج والدول الأوربية على حوض البحر الأبيض المتوسط، مقترحة إقامة قمة تجمع بينهما تستضيفها إيطاليا باسم (GCC-MED) بهدف «إطلاق إطار جديد للعلاقة بين دول الخليج ودول المتوسط، ودون أن تهدف إلى منافسة أي مبادرات أو منابر دولية أخرى، ولا تكون بديلا لها، بل تعمل على التكامل والاستفادة من نقاط قوة كل طرف».

وكأني بها تريد تأسيس إطار دولي جديد يجمع طرف المشرق العربي (الخليج)، بدول المتوسط الأوربية دون أن تستثير غضب الولايات المتحدة على وجه التحديد، والتي يريد رئيسها الحالي دونالد ترامب أن يستأثر بكل الكيكة الاقتصادية والسياسية والأمنية، ويضغط في سبيل ذلك على كل القوى الدولية التقليدية وعلى رأسها دول أوروبا التي وضح عجزها أمام سياسة الرئيس ترامب الأحادية.

هذا السياق بأكمله يستدعي من صانعي القرار في دول مجلس التعاون الخليجي أن يعيدوا ترتيب أولوياتهم وفقا لتطور الأحداث في المنطقة، في مناورة مشروعة للحصول على أفضل النتائج المرجوة، ولن يتأتى ذلك بشكل جيد إلا بالاتفاق على صيغة مشتركة، برؤية واحدة، بالتوافق أيضا مع دول المشرق العربي ابتداء وباقي الدول العربية المطلة على حوض المتوسط.

على أن ذلك لن يكون بصورة قوية والتشرذم مسيطر على مفاصل المشرق العربي إجمالا، وهو ما رجوت في مقال سابق بعنوان «السعودية القائدة وفريق (6+2)» أن يتم معالجة ذلك التشرذم من خلال تعيين فريق عالي المستوى بسلطة قوية، مكون من دول مجلس التعاون الخليجي علاوة على الأردن ومصر، يقوم على عاتقه مساعدة العراق وسوريا للخروج من أزمتهما الداخلية وتثبيت حالة الاستقرار البيني فيهما، كذلك الحال مع اليمن والسودان وليبيا، وصولا إلى فلسطين المكلومة بتفرق أبنائها، واستبداد الاحتلال الإسرائيلي وممارسته لأبشع الجرائم الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني.

أشير إلى أن معالجة الإشكالات الداخلية والبينية في كل موقع عربي هي البداية الصحيحة لبناء علاقات استراتيجية قوية مع الأخر، وكما يحرص الأوروبيون على مساعدة بعضهم بعضا وهم شعوب متنوعة، وأعراق مختلفة، يجمعهم المحيط الجغرافي فقط، فالأولى أن يكون ذلك ديدننا نحن، وبخاصة أن ما يجمعنا أكثر مما يجمعهم، ناهيك عن أن الأعين مسلطة علينا، فالكل يريد أن يقتطع نصيبه من لحمنا، فإن كنا أعوادا متفرقة سهل عليهم مرادهم، وإن أصبحنا حزمة واحدة صعب عليهم الأمر، بل وتمكنا من فرض شروطنا العادلة بحق أنفسنا أولا وأخيرا؛ ولا سيما أن إقليمنا في محط أنظار المستعمرين الجدد الذين يريدون إعادة تشكيله من جديد، فإذا كان آباؤنا وأجدادنا غائبين عن المشاركة في رسم خارطة المنطقة جيوسياسيا خلال مطلع القرن العشرين، فإننا اليوم حاضرون بوعينا لمواجهة ما يخطط له المستعمرون الجدد. فهل إلى ذلك سبيل؟