حتى كورونا له فوائد
الاثنين - 20 أبريل 2020
Mon - 20 Apr 2020
لم تكد تتضح كارثة جائحة كورونا بشنيع ما فعلت بالبشر من إصابات وخوف وموت وعزلة وتعطيل جميع مناشط حياتهم، حتى شهدنا على الجانب الآخر للكارثة فوائد جمة قد لا يراها من ينظر لحاجاته وأنانيته فقط.
يبدو أن الكرة الأرضية الخضراء، تلك الدوارة المنهكة المعتلة، قد استراحت ولو مؤقتا مما كان يحدث فوقها من ظلم وجبروت الإنسان (الفيروس الأخطر)، بجنونه وجنوحه وتهاونه في قتل مظاهر حياتها، وقطع أشجارها، وتقليص مساحات نباتاتها، وقتل حيوانها، وسحق كل مخلوق على وجهها، بغباء البشر، وتنافسهم وطمعهم، وتحايلهم، وتفاقم أخطار صناعاتهم، بقصد الكسب المادي، وإبقاء الأنا المريضة، التي لا تهتم بصحة وطن الخليقة، وتتجه بكل قدراتها لقهر جيرتها من البشر، والاستيلاء على حقوق ليست لها، ومخادعة الحكومات لمن تحكمهم، ومن يحيطون بها، أو يماثلونها بالظروف والقدر، عبر مد أيادي شرورها لتسخير الكل لقوتها ودهائها.
ولقد رأينا بداية الفوائد تظهر في مياه مدينة البندقية الإيطالية (فينيسيا)، ذات الممرات المائية، الأقرب إلى المجاري، فبعد أن ابتعد عنها الإنسان، وجدناها صافية، لدرجات عظيمة، أظهرت من تحت مياهها الرمادية، ألوان الشعاب المرجانية البديعة الملونة النقية، بل إن أسماك ومخلوقات البحر قد عادت للظهور، وتخيلوا أن حوت الدولفين قد ظهر مجددا في مياهها، للمرة الأولى بعد عقود من أزمان السياحة الجائرة، حين وجد نقاء المياه، وشعاع الشمس، وتوفر الغذاء، وقلة السموم، الناتجة عن سفن تدور وسط مياهها، ليلا نهارا، بمحركات النفط، مطلقة الغازات، وناشرة مخلفات ركابها، بمختلف صور التلويث العظيم.
أجواء العالم بأجمعه اختلفت كثيرا في فترة الحجر المنزلي البسيطة، وأوراق النباتات تنفست الهواء الطبيعي، بعيدا عن عجاج عوادم السيارات، وتوقف مداخن المصانع القاتلة بغازاتها ومخلفاتها من الملوثات الكيميائية وفضلاتها السامة.
الغلاف الجوي استراح حين توقف خوض غماره بالمحركات النفاثة لملايين الرحلات الجوية يوميا بوقود تحرقه، ودرجات حرارة تشعلها، وما تطلقه في الأجواء من غازات، فأصبحت السماء نقية، والسحاب أكثر صفاء، وأصبح الغلاف الجوي أقدر على تكثيف طبقاته، واستعادة الأوزون ليرتق خرومه ويعيدها لما كانت عليه قبل عصور.
مناطق جبال الجليد في القطبين تتنفس اليوم البرودة، وتجدد نقاء كريستالاتها، والجزر الثلجية تستعيد تماسكها، وبرودتها، ومخلوقاتها بعد قهر وإجحاف وظلام.
الشوارع، وأطراف المدن والقرى، توقفت فيها وسائل المواصلات، بعوادمها وتلويثها وضجيجها، وقسوة تأثيراتها المباشرة على الطبيعة.
نعم، المناخ الأرضي يتنفس من جديد، بعد أن تعطلت الحروب بمعظم أشكالها، وتوقفت تجارب الأسلحة النووية والتفجيرات، والصواريخ في الأرض والبحر والجو، وهذا يعيد للأرض بعض هدوئها وطبيعتها، وبعض صفاء أنفاسها.
البحيرات والأنهار والشواطئ شكرت هذا الفيروس بعد أن توقفت المصانع التقليدية الجشعة الخارجة عن القانون الدولي، عن ضخ مخلفاتها الكيميائية والبلاستيكية فيها، وتوقفت انبعاثات الغازات الضارة والقاتلة، مما جعل الممرات المائية تنتعش، وتأخذ فترة راحة ونقاهة.
كورونا تحصد الآلاف الأرواح من البشر، ولكنها تعيد الأرض لبكارتها، وتزيل عن وجهها بعض أصباغ الزينة القاتلة لجوفها.
ومهما كانت كورونا ضارة، إلا أنها تنبه العالم الحي الواعي لما يحدث في بيئتنا، وربما يتعقل نظام البشر، ويعودون بقوانين رقي وتعايش ملزمة تردع كل من يستبيح الأرض وينحرها عنوة.
Shaheralnahari@
يبدو أن الكرة الأرضية الخضراء، تلك الدوارة المنهكة المعتلة، قد استراحت ولو مؤقتا مما كان يحدث فوقها من ظلم وجبروت الإنسان (الفيروس الأخطر)، بجنونه وجنوحه وتهاونه في قتل مظاهر حياتها، وقطع أشجارها، وتقليص مساحات نباتاتها، وقتل حيوانها، وسحق كل مخلوق على وجهها، بغباء البشر، وتنافسهم وطمعهم، وتحايلهم، وتفاقم أخطار صناعاتهم، بقصد الكسب المادي، وإبقاء الأنا المريضة، التي لا تهتم بصحة وطن الخليقة، وتتجه بكل قدراتها لقهر جيرتها من البشر، والاستيلاء على حقوق ليست لها، ومخادعة الحكومات لمن تحكمهم، ومن يحيطون بها، أو يماثلونها بالظروف والقدر، عبر مد أيادي شرورها لتسخير الكل لقوتها ودهائها.
ولقد رأينا بداية الفوائد تظهر في مياه مدينة البندقية الإيطالية (فينيسيا)، ذات الممرات المائية، الأقرب إلى المجاري، فبعد أن ابتعد عنها الإنسان، وجدناها صافية، لدرجات عظيمة، أظهرت من تحت مياهها الرمادية، ألوان الشعاب المرجانية البديعة الملونة النقية، بل إن أسماك ومخلوقات البحر قد عادت للظهور، وتخيلوا أن حوت الدولفين قد ظهر مجددا في مياهها، للمرة الأولى بعد عقود من أزمان السياحة الجائرة، حين وجد نقاء المياه، وشعاع الشمس، وتوفر الغذاء، وقلة السموم، الناتجة عن سفن تدور وسط مياهها، ليلا نهارا، بمحركات النفط، مطلقة الغازات، وناشرة مخلفات ركابها، بمختلف صور التلويث العظيم.
أجواء العالم بأجمعه اختلفت كثيرا في فترة الحجر المنزلي البسيطة، وأوراق النباتات تنفست الهواء الطبيعي، بعيدا عن عجاج عوادم السيارات، وتوقف مداخن المصانع القاتلة بغازاتها ومخلفاتها من الملوثات الكيميائية وفضلاتها السامة.
الغلاف الجوي استراح حين توقف خوض غماره بالمحركات النفاثة لملايين الرحلات الجوية يوميا بوقود تحرقه، ودرجات حرارة تشعلها، وما تطلقه في الأجواء من غازات، فأصبحت السماء نقية، والسحاب أكثر صفاء، وأصبح الغلاف الجوي أقدر على تكثيف طبقاته، واستعادة الأوزون ليرتق خرومه ويعيدها لما كانت عليه قبل عصور.
مناطق جبال الجليد في القطبين تتنفس اليوم البرودة، وتجدد نقاء كريستالاتها، والجزر الثلجية تستعيد تماسكها، وبرودتها، ومخلوقاتها بعد قهر وإجحاف وظلام.
الشوارع، وأطراف المدن والقرى، توقفت فيها وسائل المواصلات، بعوادمها وتلويثها وضجيجها، وقسوة تأثيراتها المباشرة على الطبيعة.
نعم، المناخ الأرضي يتنفس من جديد، بعد أن تعطلت الحروب بمعظم أشكالها، وتوقفت تجارب الأسلحة النووية والتفجيرات، والصواريخ في الأرض والبحر والجو، وهذا يعيد للأرض بعض هدوئها وطبيعتها، وبعض صفاء أنفاسها.
البحيرات والأنهار والشواطئ شكرت هذا الفيروس بعد أن توقفت المصانع التقليدية الجشعة الخارجة عن القانون الدولي، عن ضخ مخلفاتها الكيميائية والبلاستيكية فيها، وتوقفت انبعاثات الغازات الضارة والقاتلة، مما جعل الممرات المائية تنتعش، وتأخذ فترة راحة ونقاهة.
كورونا تحصد الآلاف الأرواح من البشر، ولكنها تعيد الأرض لبكارتها، وتزيل عن وجهها بعض أصباغ الزينة القاتلة لجوفها.
ومهما كانت كورونا ضارة، إلا أنها تنبه العالم الحي الواعي لما يحدث في بيئتنا، وربما يتعقل نظام البشر، ويعودون بقوانين رقي وتعايش ملزمة تردع كل من يستبيح الأرض وينحرها عنوة.
Shaheralnahari@