مفلح زابن القحطاني

حول الجامعات ورؤية 2030

الجمعة - 13 مايو 2016

Fri - 13 May 2016

منذ وقت طويل وتطوير التعليم العالي يشكل هاجسا ومشكلة تؤرق القائمين عليه، وذلك بالنظر إلى أن منجزات مؤسسات التعليم العالي خلال الفترة الماضية لا توازي حجم الإنفاق على هذا التعليم وعلى تطويره وتحسينه، وبالنظر أيضا إلى الفجوة الكبيرة القائمة بين الرؤى والمشاريع التي تطرح وحقيقة التعليم ومستواه على أرض الواقع.

وإذا كانت رؤية 2030 قد تضمنت خطة تطوير تتعلق بتطوير التعليم العالي فإن التحدي الصعب في هذا السياق والذي نأمل أن تتحقق أهدافه بشكل واضح ودون أن يكون هناك تهميش لتخصصات معرفية مهمة هو سد الفجوة بين ما تقدمه الجامعات من تخصصات ومخرجات وسوق العمل وتوجيه الطلاب نحو التخصصات الفنية والمهنية، كما تضمنت الرؤية والعمل على وجود تعليم يسهم في دفع عجلة الاقتصاد ويقدم لسوق العمل مخرجات ذات جودة عالية.

وقد تضمنت الرؤية العمل على أن تصبح خمس جامعات سعودية على الأقل من أفضل 200 جامعة دولية خلال 2025-2030 ، وهو أهم وأصعب تحد في هذه الرؤية فيما يتعلق بالتعليم العالي، وهو الأمر الذي يطرح سؤالا حول الأدوات التي ستتخذ ويعتمد عليها لتحقيق هدف الرؤية في هذا المجال، ومعنى ذلك أنه لا بد من التعاطي مع المرحلة بنوع مختلف من التفكير وطريقة أخرى من التعاطي يضمنان تعويض ما أمضته مؤسسات التعليم العالي من وقت في مراوحة المكان والقيام بدور تقليدي لا يتجاوز في الغالب تقديم المتطلبات التعليمية لطلاب هذه الجامعات وطالباتها.

إن تحقيق أهداف هذه الرؤية فيما يتعلق بالتعليم العالي أو بالجامعات خصوصا يتطلب النظر في المرحلة السابقة من عمر الجامعات السعودية ورصد أسباب الإخفاق فيها، وهو الأمر الذي سيترتب عليه بلا شك العمل على خطوات وإجراءات تنفيذية جديدة ومؤطرة زمنيا على نحو يختلف عن تلك الخطط الاستراتيجية التي تقدمها أغلب الجامعات كمتطلب نظري من متطلبات الجودة والاعتماد دون أن يكون لها وجود في الواقع.

إن فتح ملف الجامعات ومحاولة رصد مظاهر القصور خلال الفترة الماضية يؤكد لنا أن في مقدمة تلك المظاهر ضعف البحث العلمي وضعف مخرجات أغلب البرامج التعليمية وافتقار تلك المخرجات إلى المهارات الأساسية، وكذلك عجز الجامعات بمختلف أقسامها التي مضت عليها عشرات السنوات عن استقطاب المميزين وتكوين أقسام علمية تعتمد بنسبة كبيرة على الكوادر العلمية الوطنية العالية المستوى بدلا من الاعتماد شبه الكلي على العناصر غير الوطنية.

وتبقى رؤية 2030 في مجال التعليم عموما والعالي خصوصا نوعا من التحدي الصعب الذي يحتاج إلى خطوات وأدوات فاعلة وغير تقليدية لتنفيذه، ويحتاج إلى وعي وإصرار وإلزام والتزام وتغيير لثقافة المعلم والأستاذ الجامعي على النحو الذي يضمن ولاءه لمهنته وتكريسه كل عطائه وجهوده لخدمتها، وفي الوقت نفسه يقدم له ما يستحق من رعاية واهتمام وتحفيز.

[email protected]