محمد حطحوط

كيف يكون رمضان هذا العام مختلفا؟

الاحد - 20 مايو 2018

Sun - 20 May 2018

هذه شابة أرسلت لي بعد مضي سبعة أشهر من رمضان الماضي قائلة «أدعو لك كثيرا أنا وأمي، فقد اتبعنا ما ذكرت، ولأول مرة في حياتي يصبح رمضان نقطة تغيير، ولأول مرة في حياتي أكتسب عادة جديدة بعد رمضان». قبل البدء لا بد من البوح: إن كنت ممن يختم القرآن كل عام، فهذا المقال ليس لك.

إن كنت ممن لا تفوته صلاة التراويح طوال الشهر الكريم، هذه الأحرف ليست موجهة لأمثالك. هذه الكلمات موجهة بالمقام الأول لمن يعاني - مثل كاتب هذه الأحرف - من حماس بداية الشهر، ثم تضعف البطارية بعد الأسبوع الأول، ثم تموت تماما بعد انقضاء نصف الشهر! هي خلطة بسيطة ويسيرة - وقد تكون صادمة - تمنحك ثقة في نفسك وشعورا جميلا أنك حققت أمرا نبيلا في رمضان هذا العام.

السر الكبير يقول وبكل بساطة: من الخطأ كل الخطأ أن تجهد نفسك بقراءة جزء أو جزأين أول يوم في رمضان، ثم تتوقف، لأن الخيار الأنسب لك، والأعظم أجرا، والأكثر نفعا، والأقرب إلى الله، أن تصنع عادة يسيرة تضمن بقاء المصحف معك طوال العام. بعبارة أخرى: اجعل هدفك هذا العام من رمضان أن يكون لك ورد يومي، صفحة أو صفحتان، تستمر عليهما طيلة الشهر، وتتأمل في آياتهما، وتقرأ إن استطعت تفسير آية. وتكمل المسيرة بعد رمضان، بدءا بيوم العيد، والذي غالبا يكون بين نوم واحتفال، مرورا بشوال ثم ذي القعدة وذي الحجة. ألا تستطيع أن تضع لك وردا صفحة واحدة يوميا أو صفحتين، أقل أو أكثر حسب جهدك؟

انتبه عزيزي القارئ من الخطأ الكارثي الذي يتكرر: وهو أن تبدأ بقراءة ورد كبير جدا، ثم تتكاسل عنه في اليوم التالي، وتقع في ذات الفخ الذي أنت فيه طوال السنوات الماضية! تذكر مرة أخرى أن الهدف هو بناء عادة الورد اليومي من القرآن وليس الختمة أو غيرها. عندما يأتي رمضان القادم، زد الجرعة قليلا، وتذكر أن الهدف مرة أخرى أن تستمر هذه العادة معك بعد رمضان، وبهذا تصبح بإذن الله من أهل القرآن، وعندها تتحسن لياقتك القرآنية.

سيكون لرمضان هذا العام طعم مختلف، لأن فيه خط البداية للنور الذي يصحبك طول الطريق. رمضان ليس هدفه الاقتراب من الله لشهر واحد فقط، هذا فهم خاطئ وقاصر، رمضان هدفه أن يجعل منحنى حياتك السنوي في علو دائما، نجاحاتك الدينية والدنيوية معا. لا إفراط ولا تفريط.