مشرف الرسالة هنا وهناك!

الجمعة - 06 أبريل 2018

Fri - 06 Apr 2018

رحلة الابتعاث كانت من أجمل الرحلات التي عشتها في حياتي، تجربة فريدة من نوعها استمرت لأكثر من 8 سنوات بين بريطانيا ومدنها وبين جامعتي ومكتبتها وبين الطائرة ومطارها، لقد طغت على تجربتي هذه لحظات من الضغط والضحك والبكاء والاشتياق. لم تنته رحلتي بحصولي على شهادة ودرجة علمية، ولكن عدت وأنا محملة بمئات التجارب والخبرات التي غيرت كثيرا في طريقة تفكيري وصقلت شخصيتي للأفضل. من أهم هذه التجارب كانت تجربتي مع مشرفي رسالة الدكتوراه.

مشرف الرسالة هناك في جامعة الغربة: خلال مرحلة الدراسات العليا (ماجستير أو دكتوراه) يبني الطالب علاقة فريدة ومختلفة مع مشرف بحثه، تستمر هذه العلاقة لفترة معينة من سنتين إلى ست سنوات. يزرع المشرف معك البذرة الأولى لبحثك وتسقي أنت تلك البذرة بالأفكار النيرة والقراءة والكتابة المستمرة. مشرف البحث هو ذلك الصديق الذي يمتدحك قليلا ويقسو عليك كثيرا، هو ذلك الشخص الذي تتغير علاقته معك كلما نضجت أفكارك وتطورت كتاباتك. ما زلت أذكر أول جملة قالها أحد المشرفين على رسالة الدكتوراه «اليوم أنا دكتور وأنت طالبة، غدا ستفتحين باب قاعة الاختبار وسنصبح زميلين... وستنضمين إلى عالم الدكاترة». خلال السنوات الأربع التي قضيتها مع مشرفي رسالة الدكتوراه تعلمت منهما فن إدارة الوقت، تعلمت الالتزام بالموعد النهائي لتسليم كتاباتي، تعلمت طريقة إعداد الأجندة قبل موعد الاجتماع، وتعلمت طريقة تلخيص نتائج اجتماعاتي معهما. اعترف بأني كنت محظوظة بما فيه الكفاية للحصول على الفائدة من كليهما، ساعداني كثيرا في تطوير أفكاري وكتاباتي منذ اليوم الأول حتى اليوم ونحن زملاء عمل.

مشرف الرسالة هنا في جامعاتنا: أكثر ما يؤلمني في جامعاتنا الفترة الزمنية الطويلة التي يقضيها الطالب في مرحلة الدراسات العليا. مثلا تستمر مرحلة الماجستير من ثلاث إلى ست سنوات، تطول المدة بسبب قلة متابعة بعض المشرفين لرسائل طلابهم وصعوبة التواصل مع المشرف (للعلم لا يحق للطالبة أن تقابل المشرف على رسالتها وجها لوجه إلا بخطاب رسمي من الجامعة قبل كل موعد معه). أخبرتني إحدى طالبات الماجستير في إحدى الجامعات الحكومية أن مشرفها يماطل لعدة شهور ليقرأ لها تقريرا واحدا، وتبعث إليه رسائل تذكيرية ولكن «لا حياة لمن تنادي». إضافة إلى ذلك بعض المشرفين لا يكون لديهم إلمام ببحث الطالب فيضيع الطالب بين معلومات مغلوطة من مشرفه وبين آراء أكاديميين آخرين.

قد لا ينطبق ما تم ذكره أعلاه على كل المشرفين الأكاديميين في الجامعات بالمملكة، وكما قيل «التعميم هو لغة الجهلاء»، لكن من حق أي طالب أن يستفيد من سنوات الدراسة والبحث العلمي بوجود شخص مسؤول وواع يرشده إلى الطريق الصحيح. المشرف الأكاديمي للبحث العلمي هو الدليل والملجأ الوحيد بعد الله في مرحلتي الماجستير والدكتوراه، وإشرافه على بحوث الطلاب أمانة سيحاسبه الله عليها.

توصيات لتحسين الإشراف الأكاديمي لدرجتي الماجستير والدكتوراه:

• لا بد أن تكون هناك متابعة مستمرة (أسبوعية وشهرية) من قبل المشرف عن طريق مقابلة الطالب وجها لوجه، تجري خلالها مناقشة مشاكل البحث والاطلاع على المستجدات.

• لا بد أن يكون المشرف الأكاديمي على علم كاف في البحث الذي يشرف عليه، حتى يساعده في المحتوى والمراجع.

• وجود جهة رسمية خاصة في الجامعة لمتابعة الإشراف الأكاديمي، ومن خلال هذه الجهة بإمكان الطلاب والمشرفين رفع شكوى في حال حدوث أي تقصير من أحد الطرفين.

• الالتزام بالمدة الزمنية المحددة للانتهاء من رسالة الماجستير أو الدكتوراه، تحدد هذه المدة منذ بداية المرحلة، وعلى كلا الطرفين الالتزام بها.

• على المشرف أن يصقل مهارة الطالب في النقد البناء عن طريق تحديد الإشكالات في رسالته ومن ثم يقوم الطالب بتعليلها وتحليلها وحلها.

Sam_Tardi@