عبدالله الجنيد

الفاشينيستات الوطنية

الاحد - 01 أبريل 2018

Sun - 01 Apr 2018

نحن أمام حالة عصبية يصر أصحابها على تسميتها بالحالة الوطنية الأبهى خليجيا، في حين أنها أنتجت بلاغة سياسية إقصائية في بنيتها اللغوية، وقطيعية في سلوكها الاجتماعي. ولربما أن الشعبوية وما يمثله رموزها في حيز الفضاء الافتراضي العابر للحدود أبلغ الأثر في انتشار ثقافتها وتبنيها من آخرين. وقد يكون حافزي في كتابة هذا الرأي جلستي نقاش مع بعض الأصدقاء حول الحالة الإسبارطية الشعبوية «إن لم تكن معي فأنت خصمي».

كنا نعيب على الصحوة إقصاءها الآخر، كل الآخر، فكيف ستبرر بعض النخب إقصاءها للمختلف معها في الرأي من ضحايا الصحوة بالأمس؟ وهل تختلف شعبوية الصحوة عن الشعبوية الإسبارطية الوطنية (الفاشينيستات الوطنية)؟ والأكثر إيلاما أن نسمع من بعضهم أن «المرحلة» تتطلب ذلك، وكم وددت حينها العودة بهم عبر التاريخ وتذكيرهم بمكان من رفع ذلك الشعار القاتل. لقد استثارتني تغريدة كتبها أحد أولئك الوطنيين (فاشنيستا وطني)، ينتقد فيها رأيا لأحد الكتاب وينصح فيه وزير إعلام بلده بضرورة تعزيره أدبيا، وفي نفس الوقت يقترح على وزارة الداخلية أن يكون لها موقف من نفس الكاتب.

الغريب في الأمر أن ذلك المقال تناول رئيس دولة اتفق الجميع على أنه الأكثر تخبطا في سياساته الوطنية والخارجية، والأكثر درامية أن هذا الفاشينيستا لم يكلف نفسه عناء مراجعة مقالات هذا الكاتب الذي لا يزال أكثر المدافعين بموضوعية عن ذلك الرئيس منذ انتخابه، إلا أن ذلك الفاشنيستا صاحب الآلاف المؤلفة من المتابعين نصب نفسه منافحا (رامبو) لعل وعسى تصل تغريدته إلى مجمع آلهة الفاشينيستات التويترية فيصيبه بعض الحظ من رضاها عنه فيشار له بالبنان ويرتقي لمصاف النخب المرضي عنهم، أو قد يستكتب في إحدى الجرائد ويستضاف في البرامج والمحافل.

الموقعة الأخرى دارت حول فاشنيستا يوتيوبي (يوتيوب) مفرداته اللغوية هي الأقذع في القاموس العربي أو الدارج المحلي، إلا أنه اليوم يسجل حضورا مطردا بين نخبنا الإسبارطية. وعندما تجادلهم في الأمر فإن الرد يأتيك مقتضبا «هذا هو المناسب للمرحلة». كيف حدث أن اتفقت النخب الإسبارطية على أن «المرحلة» تبيح ذلك دون احتساب تكلفة هذه الثقافة الإقصائية والبذيئة، ودون احتساب التكلفة الاجتماعية، أو افتراضهم أن ما ينتج عنها هو قابل للاحتواء لاحقا؟

إن لكل عملية تحول اجتماعي تكلفة يجب احتسابها للتقليل من آثارها الجانبية، واليوم نحن نمر بأهم عملية تحول اجتماعي منذ مرحلة اكتشاف النفط، لذلك نحن أحوج للتقنين بآليات تنفيذية لضمان اختصار المسافة بين الخطط والأهداف في خط هو الأقرب للمستقيم. أما الركون إلى الفاشينيستات الوطنية المجتهدة التي التبس عليها الأمر بين التنفيذي والعالم الافتراضي فإنه قد ينتج ما هو أخطر من الإقصاء، وقد يؤسس سلوكها ذاك لثقافة قد تضيف الكثير من الأعباء لعملية التحول الوطني خليجيا.