عبدالله العولقي

المملكة اليوم والمستقبل

الاحد - 04 مارس 2018

Sun - 04 Mar 2018

المتأمل لمنطقتنا، وهي تتأجج بين أمواج الصراعات الطائفية، وتتقاذفها ألسنة لهب التدخلات الخارجية، يدرك مدى عظمة المملكة وهي تسبح في نعم الله المتدفقة وخيراته المتجددة، وما زالت عطايا الرحمن تتدفق على وطننا بفضل من عز وجل، ثم بفضل قيادتنا المتسمة بالرشد والاتزان والحكمة، ولعل منظومة الأوامر الملكية الأخيرة وبأنماطها المتنوعة والمرتكزة على مسيرة التطوير والتحديث للسعودية الجديدة القوية والتي شملت الهيكلية التنظيمية لمؤسسات الدولة ستسفر عن القادم الرائع والمتوافق مع تطلعات شباب الوطن وفق الرؤية 2030.

إن المتأمل في جوهر الأوامر الملكية السامية يعي هدفها الجوهري في ضخ الدماء الشابة بحيويتها الوطنية المعهودة، وتدعيمها بكفاءات ذات مهارات اقتدارية ومخزون معلوماتي هائل من المعرفة الضمنية، لأجل أن تمنحها أبعادا جوهرية من الاحترافية في تنمية الإنسان والمكان للوصول إلى أهداف الرؤية المرتكزة على حيوية المجتمع وازدهار الاقتصاد وطموح الوطن، ومن هنا ندرك معنى اهتمام القيادة بالمواطن وتلمس احتياجاته بالشكل الحضاري المتلائم مع طموحاته وأحلامه.

المتأمل لوسائل الإعلام العالمية والعربية سيجد أن المملكة قد أضحت محور أحاديث الصحافة والتلفزة والوسائل التواصلية نظرا لخطواتها الحازمة نحو تحقيق التنمية المستدامة، ونجاحها المتسارع في التخلص من كوابح الحضارة كالفساد والمحسوبية والبيروقراطية والتطرف، وذلك بتمكين الطاقات الإبداعية المؤهلة وخلق البيئة الحاضنة لها بدعم ركائز المعرفة واستثمار رأس المال البشري والتحول بالاقتصاد إلى الاقتصاد القائم على مجتمع المعرفة، ومن هنا نجد فرق العمل النشطة داخل أروقة الحكومة وهي المتسمة بالطموح المتجدد إلى التغيير، وتسعى إلى تجميد العوائق الكابحة للنمو الوطني المتسارع ولذا نجد تعيينات أمراء ونواب المناطق وبعض الوزارات من جيل الشباب النابض بالحيوية والعصرنة المتلائمة مع الرؤية الوطنية من أجل رسم المستقبل السعودي.

لقد صرح ولي العهد بضرورة العلاج بالصدمة كجزء من العلاج الضروري لتطوير الحياة الثقافية والسياسية في المملكة، وقد أثبت الوقت نجاعة هذا الدواء في القضاء على معضلتين أنهكتا المجتمع السعودي عقودا من الزمن، فكانت الصدمة ضرورية لكبح جماح التطرف الديني والفكري، وضرورية أيضا في القضاء على ملف الفساد داخل المؤسسات الحكومية والمدنية، وبذلك خطت المملكة خطوات جريئة وحاسمة نحو تحقيق طموحاتها التنموية.

لا شك أن الأمير محمد بن سلمان قائد فذ ويدرك معنى القيادة، ولذا نستنبط من حواراته ومقابلاته ترديده لمعنى الحوكمة التي هي جوهر الإدارة في عالم اليوم، ولعل اهتمام ولي العهد بالتطبيق الأمثل لمفهوم الحوكمة وحرصه الدائم على تأسيس ثقافته داخل المؤسسة العسكرية السعودية يعودان ليقينه بأنه سيمنح الوزارة آفاقا متميزة من الكفاءة المثلى في استخدام الموارد وتعظيم قيمة المنظومة الدفاعية وتعزيز العمل المشترك بين القطاعات الداخلية وتحسين كفاءة الإنفاق وتحديث منظومة التسليح، وبالتالي فهذا سيمنح الوطن أبعادا في نموه الاقتصادي، كما أن النظام الحوكمي يمنع من استغلال السلطة ويحد من تفاقم الفساد من خلال وجود هياكل إدارية حديثة ومميزة تتناغم مع الأبجدية الحديثة للإدارة والقيادة.

كما شهدت الأوامر الملكية لفتة رائعة لمنطقة عسير، الوجهة السياحية الأولى في جزيرة العرب، هناك حيث عرائس الطبيعة الفاتنة وأناشيد المطر الآسرة وهبات النسيم المعطرة وأطياف الضباب الندية، وقصور التاريخ العريقة والآثار العتيقة، وبهذه المكرمة ستهرول رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية للاستثمار في أبكار الفرص السياحية، وبالتالي ستشكل رافدا اقتصاديا مهما للوطن، ولا سيما بسماتها المناخية الجاذبة في موسم الصيف والتي لا تضاهيها إلا الروائع السياحية في العالم.

وأخيرا، ضجيج الوطنية يتأجج حماسه في نفوس الشباب السعودي مع عزيمة ولي العهد وطموحه الوثاب، وبالرغم من أن شخصه الكريم أسمى من عقود المدح وجواهر الثناء، ولكن عندما يلوح لمبصري وطني وهو شامخ يحث خطاه المطمئنة نحو العالم الأول ويحجز مقعده الأمامي في قطار الركب الحضاري الإنساني فإن نفسي تواقة للدعاء له بالحفظ والتوفيق، حتى يتسنى له تحقيق طموحنا وأحلامنا.