فاتن محمد حسين

الطوافة والمطوفات.. ورؤية 2030

الجمعة - 02 مارس 2018

Fri - 02 Mar 2018

في مكة المكرمة بلد الله الحرام، حيث الحسنة بمائة ألف حسنة، هناك جنود مجندة لخدمة ضيوف الرحمن، وهم المطوفون والمطوفات من أهالي مكة؛ فهم جيران بيته وخدام ضيفه الذين سخرهم الله تعالى واختارهم لهذا الشرف العظيم ومنذ مئات السنين.

وإن كان المطوف قد حصل على حقه في العمل وشرف خدمة ضيوف الرحمن، وحقه في التدريب والتأهيل لتقديم أفضل الخدمات ووفق أعلى معايير الجودة والإتقان، وبما يحقق تطلعات القيادة الحكيمة في تقديم خدمات متميزة لضيوف الرحمن، فإن المطوفة ما زالت تعاني من الإقصاء عن المهنة والتهميش لدورها! وإن كانت بعض مؤسسات الطوافة قد أشركت المطوفات في الخدمة وبصورة محدودة، وأخرى ما زالت تطوعية وتعمل صوريا، فإن هناك مؤسسات ليست بها أقسام نسائية حتى الآن!

هذا التهميش والإقصاء للمطوفة قد فطنت له المطوفات مؤخرا، حيث كان الحجاج يأتون من الخارج باسم المطوفة، ولدينا في التاريخ أسماء منهن المطوفة «آسيا أكرم خان» لخدمة حجاج من جنوب آسيا، «وبنات الكباريتي» من الدول العربية، «ورقية باشا» لخدمة حجاج تركيا. وبالرغم من العمل حديثا في المهنة ولسنوات، ونجاح تجارب المطوفات، لم نصل بعد للاعتراف بحقوق المطوفات في العمل مع أنهن شقائق المطوفين!.

إن هذا الإقصاء لا يتوافق مع رؤية المملكة 2030 التي وضعت رأس المال البشري من أولى أولياتها، ومشاركة المرأة هدفا استراتيجيا، ورفع مستوى مشاركتها من 22% إلى 30% في برنامج التحول الوطني 2020، ورفع المشاركة إلى 40% في 2030، وهذا يتطلب إدخال المرأة المطوفة في خدمات الحج والعمرة، خاصة في ظل الرؤية التي سيرتفع فيها عدد الحجاج إلى 5 ملايين حاج، والعدد الإجمالي للمعتمرين والحجاج إلى أكثر من 30 مليون سنويا، كل ذلك يعني ضرورة وضع استراتيجية عملية لإشراك المطوفة في الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن.

ومع أنه تم رفع دراسة علمية قمت بإعدادها مع مجموعة من أخواتي المطوفات إلى وزارة الحج منذ عام 1437 وهي «الخطة التشغيلية لعمل المطوفة بمجموعات الخدمات الميدانية». ودراسة أخرى رفعت عن «حصر الاحتياجات التدريبية للمطوفات». وتم ترشيح مطوفات قديرات للتدريب، ولكن للأسف لم يصلنا رد من باب التقدير والشكر لمجهوداتنا من مقام وزارة الحج والعمرة،أو حتى من الهيئة التنسيقية لمؤسسات أرباب الطوائف! بل لم يشعرنا أحد بإمكانية الأخذ بتلك الدراسات، خاصة وأن الدراسة العلمية قد شملت استبانة الكترونية، وكانت الموافقة على عمل المطوفة بنسب عالية جدا وعلى المهام والأعمال التي أوكلت للمرأة حسب الدراسة!

المهم أن من يملك الحماس والرغبة في العمل واستعادة الحقوق لم يقف مكتوف الأيدي، وها نحن المطوفات أخذنا بزمام المبادرة للبدء في تدريب وتوعية المطوفات، فقد قمت وسعادة الدكتورة سميرة بباني بتقديم ندوة بعنوان «الطوافة والمطوفات ورؤية 2030» أدارتها سعادة الدكتورة وفاء مندر، وذلك برعاية وإشراف من سعادة المطوف القدير وصفي مقلان، والذي استشعر أهمية تثقيف المطوفة وتوعيتها وإعادة دورها التاريخي.

وكان الهدف من الندوة تعريف المطوفات بالأدوار التاريخية للطوافة وآثارها الاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية على المجتمع المكي، ثم دور المطوفة تاريخيا، كما تناولت الندوة إسهامات المطوفة حديثا في تجربة تطوعية رائدة منذ عام 1429 وأهمية التخطيط والإعداد للبرامج والأنشطة بعيدا عن العشوائية في الأداء، وكذلك وضع أهداف يتعرف عليها فريق العمل ليساهم في تحقيقها. كما تطرقت إلى «لجنة تحسين وتطوير أداء المطوفات» وكيف بدأت، والمراحل التي مرت بها، حيث تعمل بعقد اجتماعات دورية تطويرية لتحسين أوضاع المطوفات والنخب الراغبة في العمل. وقد فتح باب النقاش بعد الندوة، حيث اندفعت المطوفات للتعبير عن آرائهن وضرورة المطالبة بحقوقهن في العمل والرفع لمقام الوزارة.

كما توصلت إلى التوصيات التالية: الاستمرار في المطالبة بالحقوق المشروعة والنظامية. والعمل في المؤسسات ومكاتب الخدمة الميدانية يتطلب توفير بيئة عمل مناسبة لخصوصية المطوفة. وعدم التمييز بين المرأة والرجل في المكافآت المالية. وتدريب المطوفات أسوة بالمطوفين رسميا من وزارة الحج، وطرح الدورات التأهيلية المناسبة للمهام التي ستوكل لهن. والاهتمام بتوصيات الدراسة التي رفعت عن «عمل المطوفة بمكاتب الخدمة الميدانية»؛ والتي من أهمها تطبيق التجربة على عدد من المكاتب في المؤسسات للاستفادة من نتائج التجربة، واكتشاف السلبيات لمعالجتها ثم تعمم التجربة.

كل ذلك ليكون عمل المطوفة متوافقا مع رؤية المملكة 2030.

Fatinhussain@