عبدالله المزهر

تراث غائب عن الجنادرية..!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

السبت - 10 فبراير 2018

Sat - 10 Feb 2018

في الأسبوع الماضي بدأت فعاليات مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة في نسخته الثانية والثلاثين، وهذا يعني أن أكثر من ثلاثة عقود قد مرت منذ المهرجان الأول. أي إن مهرجان الجنادرية نفسه أصبح جزءا من التراث الذي يجب أن تحتفي به الجنادرية.

وفي السنوات الثلاثين ـ التي مرت كأنها ثلاث ـ كانت الجنادرية مسرحا لكثير من الفعاليات والنقاشات والندوات والأمسيات والمسرحيات. لكن الأمر الذي يبدو مؤسفا بعض الشيء أن هذا التراث وهذه المكتبة الضخمة من الفعاليات لم يجدا الاحتفاء الذي يليق بهما كإرث ثقافي كبير لا يفترض أن يكون الرجوع إليه صعبا سواء من المهتمين والباحثين أو من عامة الناس الملاقيف أمثالي. وقد بحثت في الموقع الرسمي للمهرجان فلم أجد في الأرشيف أكثر من التصريحات والصور الرسمية. ومع وفرة المواد التي أنتجها المهرجان وفعالياته طوال هذه العقود، إلا أنه لا يوجد أرشيف حقيقي يمكن أن يكون مزارا «افتراضيا» للجمهور طوال العام.

وأعني بالمواد كل شيء، بداية من «الأوبريت الغنائي» الذي هو أيقونة الجنادرية وأكثر الأشياء ارتباطا بالذاكرة في المهرجان إلى درجة أن تعريف بعض سنوات المهرجان يرتبط باسم الأوبريت، مثل مهرجان مولد أمة، وعرائس المملكة، وغيرهما، ومرورا بالندوات والمحاضرات والأمسيات والدراسات التي قدمت. ثم الفنون التي تقدم في المهرجان من أنحاء المملكة كافة.

في الموقع الحالي على سبيل المثال نبذة عن «العرضة السعودية» ـ أي العرضة النجدية ـ بينما لا يوجد أي شيء عن غيرها من الفنون، مع أن المفترض أن أهم أهداف المهرجان، إن لم يكن الهدف الوحيد، هو إبراز مدى التنوع والثراء والاختلاف في فنون وتراث المملكة العربية السعودية من «بحرها للبحر».

وهذه أبسط الأشياء وأسهلها التي يمكن أن ينفذها هواة في موقع الكتروني يجمع كل فنون المملكة وصناعاتها التراثية ورقصاتها الشعبية وطريقة أدائها، ولكن حتى هذا الأمر السهل والبديهي لم يجد له مكانا في موقع مهرجان الجنادرية.

الأمر الآخر الذي أجد استمراره غريبا ـ بالنسبة لي على الأقل ـ هو رعاية الحرس الوطني لهذا المهرجان، ومجهود الحرس الوطني يذكر فيشكر في الفكرة ثم رعايتها ثم الاحتفاء بها والمحافظة عليها، لكن أعتقد أن وقت انتقال رعاية المهرجان إلى جهة مختصة قد حان منذ زمن وليس من الآن. ويبدو غريبا أن تكون «الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني» مجرد ضيف مثلها مثل الجوزات والمرور وأمن الدولة في مهرجان فكرته هي «السياحة والتراث الوطني».

وعلى أي حال..

لم يسبق لي زيارة مهرجان الجنادرية من قبل، وهذا يوضح أمرين في غاية الأهمية، الأول أنه يمكن أن يفتي الإنسان ويقدم الاقتراحات بشأن أشياء لم يسبق له مشاهدتها، والثاني أن فكرة «اهتمام الجنادرية بتراث الجنادرية» ووجود موقع شامل يحوي أرشيفا حقيقيا لفعاليات الجنادرية على مر السنوات فكرة مطلوبة ومهمة حتى يستطيع أمثالي من الذين يكرهون الخروج من منازلهم أن يمارسوا الفتوى على بينة.

agrni@