فواز عزيز

الإعلان بين الغباء والاستغلال

الأربعاء - 20 ديسمبر 2017

Wed - 20 Dec 2017

• كانت الإعلانات صفحات معدودة في جريدة يومية، وبقية الصفحات للخبر والرأي وبقية الفنون الصحفية، أو دقائق معدودة على شاشة تلفزيونية، وبقية اليوم لمواد إعلامية وبرامج ترفيهية وتوعوية، أو لوحات معدودة في طرقات طويلة.. اليوم أصبح الإعلان أكثر من الهم على القلب، بعد بروز الإعلام الفردي وأبطال «السوشيل ميديا» والعمل بلا أي معايير وأحيانا بمبادئ تضعف أمام إغراء المال..!

• بعدما طغى الإعلان على حياتنا بشكل مكثف ومرهق، يظهر سؤال كبير: هل انفلت سوق الإعلان من الانضباط؟

• كثرة الاعتذارات من شركات كبرى عن بعض إعلاناتها، يمكن أن تكون جوابا على السؤال أعلاه.

• لو حاولت حصر الإعلانات المسيئة التي تراجعت عنها شركاتها فلن تستطيع لكثرتها.

• وهنا يمكن طرح سؤال أكبر وأهم: هل هذا الانفلات مقصود أم أخطاء بشرية فردية فقط؟

• هذا السؤال لا يمكن الإجابة عليه بدقة، إلا أن انتشار الإعلانات السيئة أو المسيئة أو غير المقبولة، ربما يكون سببا في مزيد من الانفلات؛ لأن المقصد من أي إعلان هو الرواج والانتشار، ونحن بطبيعتنا البشرية نحقق لهؤلاء خدمات عظيمة بترويجها حتى لو كان بقصد الإنكار عليها، لكن المقاصد النبيلة قد تكون طريقا متاحا للاستغلال من عديمي الضمير.

• المجتمع بقصد أو بجهل أو بغباء يقوم بالترويج للإعلانات المسيئة، حتى تصل إلى الجميع، وربما هذا ما يطمع به «بعض» المسوقين ومنتجي الإعلانات، لأنهم يعتبرونه أقصر الطرق وأيسرها، خصوصا أن بعضهم لا تهمه «السمعة» وبعضهم يؤمن بأن ذاكرة المجتمع ضعيفة وتنسى الإساءة بعد إزالتها، بينما يبقى اسم المنتج أو الشركة حاضرا في الذهن..!

• سوء الظن في مقاصد «بعض» المعلنين لم يأت من فراغ، بل جاء بعد إعلانات عنصرية وإعلانات مسيئة لفئة من المجتمع وإعلانات بألفاظ وإيحاءات سوقية..!

• ولم يقف عند هذا الحد، بل تجاوزه إلى استغلال حقوق الناس، مثلما حدث مع شخصية «عيوشة»، ولو فكر منتجو الإعلانات بسبب انتشار مقطع «عيوشة»، لأدركوا أن الانتشار أمر سهل..!

• الإعلان فن وصنعة لا يجيدها إلا الأذكياء، لكن ربما بجهلنا أو طيبتنا - نحن - دخل هذا المجال من لا يتقنه، أو من يتقنه لكنه لا يريد أن يبذل جهدا في تقديم محتوى ذكي.

• الإعلان الذكي يحتاج محتوى جيدا ووقتا مناسبا، لكن بعض مشاهير «السوشيل ميديا» أسرفوا في الإعلانات وبلا أي محتوى سوى تقديمه لمتابعيهم بحجة أن المنتج أو المحل أعجبهم، والحقيقة أن ما أعجبهم هو المقابل المادي للإعلان، وفي ذلك غش واضح تحدث عنه المتخصصون في التسويق، ومنهم الزميل والصديق «محمد حطحوط».

• أحد مشاهير «السوشيل ميديا» في الخليج تحدث في لقاء تلفزيوني بأنه اتفق مع مطعم على تقديم إعلان له بمقابل يساوي «24 ألف ريال» وحين حضر إلى المطعم لم يعجبه الأكل فرفض الإعلان مشترطا مضاعفة القيمة إلى 4 أضعاف، فقبل أصحاب المطعم فقدم الإعلان رغم عدم قناعته إلا أن المبلغ كان يستحق التنازل عن المبادئ بنظر المشهور..!

• أرقام الإعلانات كبيرة جدا وبعضها يشير إلى أن سوق الإعلان في السعودية تقدر بـ 3 مليارات ريال، وأجزم أن الأرقام لن تكون صادقة ودقيقة وسط هذه الفوضى الإعلانية، فالإعلانات الفردية التي أصبحت تسيطر على جزء من السوق لا يمكن حصرها، ولن يكون ذلك ممكنا مستقبلا ما لم تضبط سوق الإعلان بآليات جديدة تتوافق مع المتغيرات المتجددة.

fwz14@