فواز عزيز

قصتان للسينما في عرعر وجازان

السبت - 09 ديسمبر 2017

Sat - 09 Dec 2017

للسينما قصص سعودية تاريخية، منها قصتان، أولاهما رواها مؤلف سعودي كان يؤرخ لمدينته في كتاب، والثانية لأديب عربي كان يوثق علاقته مع السينما وأفلامها ومنها أثناء عمله في السعودية.

روى المؤلف سعد فريح اللميع في كتابه «التابلاين.. وبداية التحول في عرعر» تاريخ السينما في مدينة عرعر، فقال: «لا يعرف الكثير أن أهالي المنطقة الشمالية خاصة مدينة عرعر عرفوا وشاهدوا السينما قبل أكثر من 60 عاما»، مشيرا إلى أن «محطة التابلاين» التابعة لشركة أرامكو أنشأت سينما لموظفيها، وكان أهالي المنطقة يرتادونها ويشاهدون فيها الأفلام الأجنبية والأفلام الوثائقية والتوعوية، مبينا أن ذلك دفع أحد التجار ممن كان شاهدا على الإقبال على سينما «التابلاين» إلى تبني فكرة استثمارية عبارة عن إنشاء سينما خاصة، فقام بشراء كل ما يلزم وجهز مكانا مناسبا للعرض، وانطلق بمشروعه بعرض فيلم «العاشقة البدوية» لنجمة ذاك الزمن سميرة توفيق، ونقل المؤلف عن الرواة بأن العرض شهد إقبالا كبيرا، لكن المتعة لم تدم طويلا حيث قامت الجهات المختصة بمداهمة صالة العرض، وأوقفت حلم ذاك التاجر بجني الأرباح، فكان عرض الفيلم - الذي لم يكتمل - العرض الأول والأخير، وتمنى المؤلف لو أن صاحب الفكرة معروف وموجود؛ لنعرف منه موقفه في تلك اللحظة، وهل ما زال حلمه موجودا؟ وماذا كانت عقوبة الحضور، وما التهمة التي وجهت لهم؟

القصة الأخرى كانت لمدينة جازان، وذكرها الروائي والشاعر الفلسطيني إبراهيم نصرالله في مقدمة كتابه «هزائم المنتصرين.. السينما بين حرية الإبداع ومنطق السوق» الذي قال فيه إن: عالم الكتابة لم يكن أكثر جمالا من السينما. وكان يرى أن أجمل ما حدث له، هو أن السينما فتحت الطريق للقراءة، وطرح سؤالا: هل تكون السينما التي فتحت أبواب القراءة هي التي فتحت أبواب الكتابة أيضا؟ وأجاب على سؤاله بـ «ربما».

يروي إبراهيم أن علاقته بالسينما بدأت حينما بلغ الـ 16 من العمر، واستمرت قوية لمدة من الزمن، وحين غادر الأردن للعمل في السعودية مدرسا لم يتمكن من مشاهدة السينما طوال عامين (1976-1978) إلا مرة واحدة، حين قطع الطريق من «القنفذة» إلى «جازان» في أقصى الجنوب (حوالي 500 كلم) عابرا مناطق صحراوية موحشة وخطرة من بينها الامتداد المرعب لـ«شعاب الجوع» قبل أن يصل إلى أول شارع معبد يبعد مئات الكيلومترات، ثم السير عليه بصعوبة وسط العواصف الرملية فوق دراجة نارية صغيرة.

ثم يقول إنهم عبروا في جازان أزقة سرية وتجاوزوا أسوارا ومساحات برفقة مدرسين خبراء حتى وصلوا إلى مكان يعج بالبشر إلى حد يدعو للارتباك، وشاهدوا عرض الفيلم المحفوف بالخطر، ووصف خروجه من العرض كأنه يشاهد السينما للمرة الأولى، ثم انتشر الناس في الأزقة كما لو أن شيئا لم يحدث.

وتساءل نصرالله، هل كان العرض سريا فعلا؟ وأجاب على نفسه بأنه لا يستطيع أن يجزم بذلك، إذ كيف يكون عرض عام يحضره مئات الأشخاص سريا؟ مضيفا أنه ربما تكون ندرته تحتم على كل من حضره أن يطوي السر عميقا في داخله.

fwz14@