عبدالله المزهر

يا حمقى العالم.. كفوا عن الشكوى!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الخميس - 07 ديسمبر 2017

Thu - 07 Dec 2017

معلومة: (القدس تحت احتلال الكيان الصهيوني منذ عام 1967).

وخلال تاريخها الطويل (4 آلاف سنة قبل الميلاد) تعرضت القدس للتدمير مرتين، وحوصرت أكثر من عشرين مرة، وهوجمت أكثر من خمسين مرة، وتم غزوها وفقدانها مجددا أكثر من أربعين مرة.

وعاصمة الكيان المحتل الحالية هي تل أبيب التي تقع ضمنها مدينة يافا التي أسسها الكنعانيون في الألف الرابع قبل الميلاد.

ثم أما بعد:

فالغضب العارم من نقل ترمب سفارته من تل أبيب إلى القدس يشبه تماما أن تغضب من اللص الذي اقتحم بيتك لأنه جلس في المجلس بعد أن سرق غرفة النوم.

والغضب حق الشعوب المقهورة والمغلوبة على أمرها، هذا أبسط ما يمكن أن تفعله، لكني أستغرب الغضب المتأخر خمسين عاما، لأنه مجرد ثورة نفسية ستنتهي قبل أن ينتهي هذا الأسبوع.

نقل السفارة للقدس يشبه الهدف العاشر الذي يدخل مرمى فريق مهزوم بتسعة أهداف، لا يعني أي شيء سوى أن الرقم أصبح خانتين بعد أن كان خانة واحدة، أما الهزيمة فإنها مذلة سواء كانت بتسعة أهداف أو بعشرة.

وهزيمتنا ليست عسكرية فحسب، لأن الهزائم العسكرية هي أقل أذى من غيرها من الهزائم وتداركها والتعافي من آثارها أسهل بكثير من الهزائم الأخرى.

نحن مهزومون نفسيا وثقافيا وعقائديا، نحن ببساطة أمة برعت وأبدعت في تنوع هزائمها.

كلمة «أمة» الموجودة في الجملة السابقة أصبحت محل تندر وسخرية، ومجرد ذكرها يرتبط ذهنيا بالصراخ والشعارات التي لا تسمن ولا تنجي من هزيمة.

نحن مهزومون لدرجة أن الحديث عن المسلمين «كأمة» يعد أمرا معيبا في ثقافتنا الجديدة، بينما لا يعد أمرا معيبا في ذات الثقافة أن يعد رئيس أمريكي يبعد عن القدس أكثر من أربعة عشر ألف كيلو متر بنقل سفارته إليها في حملته الانتخابية وهو الذي لا يعرف أين تقع القدس على الخارطة، ولا يعرف الجمهور الأمريكي الذي يخاطبه أين تقع فلسطين نفسها.

الحديث عن أمة واحدة خطاب رجعي ومتخلف وظلامي، بينما شذاذ الآفاق الذين أتوا من كل أصقاع الأرض من حقهم أن يكون لهم كيان واحد. ومن حقهم أن نمد إليهم يد السلام وأن نتهم أنفسنا بالإرهاب ونبرئ من ذات التهمة أكثر الأيدي تلطخا بالدماء منذ وجد الإنسان على كوكب الأرض. وأعني الكيان نفسه والذي وعد بإنشائه والذي نقل سفارته بين مدن الأرض المحتلة.

لا أتحدث عن الانتصارات العسكرية، لأنها النتيجة، نتيجة حتمية للانتصار الثقافي والعقدي، هي نتيجة حتمية لإيماننا بأنفسنا وبمعتقداتنا، شعب لا يؤمن بنفسه لن ينتصر ولو ملك كل أسلحة الأرض.

ثم أما قبل..

إلى حمقى العالم: لا يمكن شرعنة الظلم ثم التوقع من المظلوم أن يسكت، ولا يمكن محاربة الإرهاب وأنتم تخلقون أسبابه دون كلل ولا ملل. إن كنتم ماضين في طريقتكم ولا تهتمون لأحد، فلا تكثروا الشكوى من العواقب.

@agrni