عبدالله المزهر

المعلم وشوقي والجاحظ والنسويات.. تبا لكم أجمعين!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الخميس - 05 أكتوبر 2017

Thu - 05 Oct 2017

الحقيقة أني أجهل الدوافع التي جعلت شوقي ينظم قصيدة «قم للمعلم وفه التبجيلا» ـ التي تعرفونها جميعا، ليس منطقيا أنه يريد بذلك حث الناس على احترام المعلم وتقدير دوره، لأن دعوة مثل تلك في ذلك الزمن تشبه أن تحدث العطشان عن الماء أو تخبر الجائع بفوائد الطعام. كان المعلم في عصر شوقي وما سبقه وما تلاه إلى زمن قريب محل تقدير واحترام وتبجيل دون حاجة للقصائد والمطولات.

ربما أراد شوقي ألا يتأثر المتعلمون حديثا وبعد أن يتقنوا القراءة على أيدي المعلمين بما خطه الجاحظ عن المعلمين في أخبار الحمقى والمغفلين. وما أورده من قصص عن «غفلة المعلمين» بسبب كثرة مخالطتهم للصبية لدرجة أن بعض القضاة كان لا يقبل شهادة المعلم، ويرى أن شهادة النساء أعدل من شهادة معلم. وأرجو الانتباه هنا إلى أن القائل والناقل هو الجاحظ ولست أنا، لأن الحديث عن النساء هذه الأيام يورد المهالك، فنحن في زمن يكاد يكون فيه شعار بعض النسويات هو: «أخرجوا الرجال من جزيرة العرب»، نسأل الله السلامة من كل شر ومن بطش كل ظالم ومفتر.

وعودة إلى المعلم فإن وسائل التواصل الاجتماعي الآن تقوم مقام الجاحظ في السخرية من المعلمين والانتقاص من شأنهم، ثم أغرى ذلك بعض المثقفين فانضموا إلى ركب تحميل المعلم كل مصائب الدهر ونوائبه. وقد يكون هذا صحيحا لكن المعلم جزء من منظومة لا تكاد تتحرك، وفشل المعلمين وقلة حيلتهم وضعف مخرجاتهم نتيجة لضعف المنظومة التي ينتمون إليها وليست سببا في ذلك الضعف.

وقد يكون التطور المنشود في قطاع التعليم العام هو العودة للوراء وليس التقدم للأمام، فتكون مهمة المدرسة هي أن تعلم الطالب القراءة والكتابة بشكل سيلم ثم يتعلم هو بنفسه ما يريد من علوم، ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا. فكثير من طلاب اليوم يعرفون أشياء كثيرة لكنهم لا يحسنون القراءة ولا الكتابة.

وعلى أي حال..

بدا الأمر طريفا ووزارة التعليم تحث المعلمين على الاحتفاء بيوم المعلم، ولا أعلم كيف تريد منهم أن يحتفوا بأنفسهم وماذا يراد منهم أن يفعلوا في يوم المعلم، الذي هو مثل بقية الأيام «العالمية» لا فائدة منه ولا معنى له إذا غاب الاحتفاء والاهتمام بقية أيام العام، ولست مقتنعا بهذه الأيام لأني مؤمن أن اليوم المهم والوحيد الذي يجب الإعداد له بشكل جيد هو يوم الدين.

@agrni