فاتن محمد حسين

بناء المقررات الدراسية.. الفجوات في القرارات والتدريب

الخميس - 28 سبتمبر 2017

Thu - 28 Sep 2017

لم يكد أبناؤنا الطلاب والطالبات يعودون إلى مقاعد الدراسة بعد إجازة طويلة امتدت لحوالي أربعة أشهر حتى فوجئوا ومعلموهم ومعلماتهم بوجود أخطاء في عدد من المقررات الدراسية.. وبعضها أخطاء فادحة لا يمكن التغاضي عنها مطلقا، وهي مثل: وضع صورة مفبركة للكائن الفضائي بالقرب من صورة الملك فيصل - رحمه الله تعالى- عند توقيعه ميثاق هيئة الأمم المتحدة.. وقد أخذت الصورة من النت - وبدون تدقيق واهتمام! وبصرف النظر عن فبركة الفنان وأن صفات هذا الكائن تشبه صفات الفيصل من حيث الحنكة والحكمة السياسية، فإن وضعها في المقرر كان خطأ مما تطلب من وزير التعليم معالي د.أحمد العيسى اعتذاره علنا في حسابه في تويتر وفي كافة الصحف المحلية.

وقد أثار ذلك الاعتذار الكثيرين في مواقع التواصل الاجتماعي وعمدوا إلى تحميل الوزير هذا الخطأ في فرصة سانحة وجدها بعضهم للاصطياد في الماء العكر لقرار سابق بفصل مدير مدرسة جراء رمي الطلاب الكتب وتمزيقها!

ومن وجهة نظري كأخصائية في المناهج وطرق التدريس لم تكن تلك الأخطاء في المقررات الدراسية هي وليدة اليوم.. فقد كانت هناك أخطاء لغوية ونحوية وفنية وتاريخية، بل وفكرية! وفي كل عام دراسي جديد تخصص لجنة من المشرفين والمشرفات والمعلمين والمعلمات من كافة المواد الدراسية من ذوي الكفاءة والمهارة والخبرة في تقويم المناهج ويكتب: الخطأ، ورقم الصفحة، ورقم السطر، والتصحيح اللازم وترفع للوزارة. كما تصحح للطلاب والطالبات في حينها بطمس الجزء الخطأ في الكتب. وبعضها يصحح عند إعادة طباعة المقررات الجديدة في السنة التالية وبعضها قد يستمر على ما هو عليه لسنوات!

ولكن الفرق الآن هو أن مواقع التواصل الاجتماعي تؤجج المشكلات وتضخمها.. فكم من الوقت الآن سيضيع لإعادة تلك المقررات بعد سحبها، وكم من الجهد والوقت والمال سيصرف عليها!

إن تحميل هذه المسؤولية كاملة يفترض أن يكون على اللجان المعدة للمقررات الدراسية، وهم من النخب العلمية الأكاديمية ومن معلمين ومعلمات من ذوي الخبرة في المجال.. فإذا كانت هناك لجان أخرى للمراجعة والتدقيق وجميعهم لم يكتشفوا الخلل فهذه مشكلة يجب أن يحاسب عليها كل من مر عليه (المقرر الدراسي). وقد أحسنت الوزارة صنعا بإعفاء وكيل المناهج واللجنة المتابعة للمقررات.

والحقيقة أنه حينما أشار أحدهم إلى أن المعلمين لديهم تسيب وضحالة في الثقافة أقاموا الدنيا ولم يقعدوها.. وهو أخطأ حينما عمم الصفات عليهم وكان الأجدر به أن يقول: «بعض من..» فها هي الأيام تبرهن على ذلك في مقررات قام عليها نخب من المعلمين والمعلمات و(خبراء في التعليم). نحن لا ننكر دور المعلم في تربية الأجيال، ولا ننكر رسالته وأنه كاد أن يكون رسولا.. ولكن لا بد أن نعترف بوجود فئة محسوبة على التعليم، فكيف تحدث مثل هذه الأخطاء من خبراء، إذن ماذا يعمل العاديون أو أقل من ذلك؟!

ونقطة أخرى وهي: ما حدث من إضافة (حصة النشاط) هذا العام وزيادة ساعة في اليوم الدراسي قد أثار سخط الكثير من المعلمين والمعلمات، وأنها لا فائدة منها وأنها مجرد أعباء.. لعدم القناعة بها.. وكان الأجدر بوزارة التعليم قبل إقرار (مقرر النشاط) إعداد البنى التحتية للمشروع ماديا وفنيا وإعطاء دورات تدريبية للمعلمين والمعلمات في كيفية تفعيلها، حيث أقرت الوزارة 26 مشروعا لجميع المراحل؛ كما ورد في صحيفة مكة الأحد 26 /12 /1438. ولكن المتأمل في البرامج يجد بعضها جديدا على الميدان التربوي والتعليمي مثل: (الريبوت) و(جلوب البيئي) و(التوعية المالية - ريالي) وبرنامج (واعد)..، وكان الأجدر تدريب المعلمين والمعلمات عليها.. فاطلاعهم عليها وتدريبهم على تدريسها لهما فوائد متعددة من أهمها: اكتشاف الأخطاء والثغرات في المقررات قبل أن يراها الطالب، ومن ثم إرسال الملاحظات للوزارة قبل بدء الدراسة للتعديل حسبما تراه.

بل كان لا بد من إشراك أولياء الأمور والطلاب والطالبات في إعداد المقررات لتكون بما يتناسب مع تفكيرهم واحتياجاتهم الأساسية، ومتوافقة مع الظروف المناخية والبيئية والمجتمع.

إن نجاح الأنظمة التعليمية المعتمدة على البراغماتية Pragmatism واحدة من أهم المزايا التي تبرز الحاجة إليها في عصرنا الحالي، فمن خلال التدريب العملي تتفتح آفاق جديدة للمعلم المتدرب، وبما يحقق مخرجات التعلم ولنتلافى الهدر التربوي: في المال والوقت والجهد.

نسأل الله أن يوفق معالي الوزير بتطبيق ما وضعه من رؤى في كتابه (إصلاح التعليم في السعودية..) وأن يحولها إلى واقع جميل لمواجهة متطلبات الرؤية 2030، وحتى لا يبقى التعليم عاجزا عن استيعاب طموحات الجيل الجديد.

@Fatinhussain