عبدالله المزهر

هؤلاء هم الوطنيون حقا!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاحد - 13 أغسطس 2017

Sun - 13 Aug 2017

لا أدري هل أنا وحدي من يظن أن فصل الصيف هذا هو أطول فصل صيف منذ اختراع ميزان الحرارة، أم إني أتوهم ذلك لأني لم أغادر المنطقة الشرقية حتى الآن.

وقد بلغ اشتياقي للبرد إلى درجة اعتبار غرق المدن وأحاديث السيول وفساد البنية التحتية شيئا جميلا أحن إليه وأنا أمسح عرقي في هذا الجو اللاهب.

ثم إني قد حضرت مباراة كرة قدم في ملعب الدمام في شهر أغسطس الجاري ـ الذي لا يبدو أنه سيتوقف عن الجريان ـ وهو أمر يفترض أني أقوم به من باب الترفيه والبحث عن السعادة، بينما الحقيقة أنه أمر يمكن اعتباره في أماكن أخرى من هذا الكوكب ضمن عقوبات الأشغال الشاقة التي يحكم بها على عتاة المجرمين.

قضيت عقوبتي في الملعب كاملة، وغادرت وأنا راض عن فريقي، لا أعلم هل السبب هو فوزه في المباراة أم لأني فيما يبدو قد آمنت بأنهم معذرون مهما فعلوا فلا يلام إنسان يركض ويبذل جهدا في أجواء مثل تلك.

كنت أراقب تحركات أحد اللاعبين ـ سلوفاكي الجنسية ـ وأقول لا بد أنه يركض الآن بحماس لأنه مؤمن أن ما يفعله هو تكفير عن كل ذنوبه التي ارتكبها في أجواء سلوفاكيا.

نحن كائنات مقاومة بالفطرة، والحياة في هذا الجزء من كوكب الأرض تحتاجنا. ومنظر السعودي وهو يشرب «الشاهي» والقهوة في درجة حرارة تقترب من الخمسين ليس ملفتا ولا غريبا. وهذا هو السعودي الحقيقي الأصلي الذي لا تشوب جيناته شائبة، أما الذي يفر من الحر في كل موسم ويذهب شمالا وجنوبا يلتقط صورا للغيوم والأشجار ودرجات الحرارة فإن في وطنيته شكا، ووضعه غير مطمئن، وضرره أكثر من نفعه، وأطالب بالقبض عليه ومعاقبته.

وهذا المعيار لقياس الوطنية قد يكون هو الأكثر قربا من الحقيقة في ظل كثرة المعايير هذه الأيام، ويبدو منطقيا أكثر من قياس الوطنية بعدد التغريدات.

وعلى أي حال..

أظنه قد آن الأوان لابتكار رياضة ما لها علاقة بالجو المشمس حد الطبخ، يتنافس فيها الراغبون في خوض تحديات جديدة من كل أرجاء العالم، أو حتى الراغبين في الانتحار بطريقة مبتكرة. لكي يذهبوا للجحيم ونستفيد نحن من مداخيل هذه السياحة التي لا تكلف أكثر من استقبال السائح ثم تركه على طريق المطار حتى يسيح.

agrni@