شاهر النهاري

أنياب يابانية تلتهم عمالقة الكوكب

الثلاثاء - 18 يوليو 2017

Tue - 18 Jul 2017

التفوق البشري على مستوى محيط العيش ظهر منذ العصور القديمة، فخاطر البشر وأبدعوا، وتحايلوا للسيطرة على مختلف مخلوقات الأرض والجو والبحر.



وحطم الإنسان أسوار المخاوف من سواد البحار، وركب الأمواج العاتية، ليثبت أنه أكثر ذكاء وقدرة من المخلوقات البحرية الضخمة، فشعر بالنشوة، وبالغ في عمليات التجني بالتنافس على صيد الحيتان، والتي تحولت إلى صناعة منذ القرن الـ17، ومع نشوء الأساطيل المنظمة لصيدها، لتصبح تجارة تنافسية خلال القرنين الـ18 والـ19، بدعم تطور إمكانيات السفن المصنعة خصيصا لصيد الحيتان في النصف الأول من القرن العشرين.



شعوب أمست تتلذذ بغرس أنيابها في فقرات عملاقة، وتتبارى في تخزين لحوم ودهون الحيتان للشتاء الطويل، مما زاد الطلب عليها، حتى إن الإحصاءات تبين قتل أكثر من 50 ألف حوت سنويا في نهاية العقد الثالث من القرن الـ19.



ومع نشوء وتطور أنشطة المنظمات البيئية، وتزايد ضغوطها على حكومات الدول، صدر قانون تحريم صيد الحيتان من قبل الوكالة الدولية لصيد الحيتان التجاري سنة 1986، مما أعطى بعض الأمل في الإبقاء على تلك المخلوقات المسالمة، والمفيدة للبيئة، وللتوازن الطبيعي النوعي، ومنع انقراضها.

معظم دول العالم وقعت والتزمت بالقرار الحكيم، إلا أن دولة اليابان تكسر جميع صور تحضرها بين الدول بمخالفة القرار، ومعللة ذلك بأنه من موروثها الشعبي، الذي يصعب عليها التوقف عنه!



أجواء من البشاعة كانت وما زالت تتكرر في اليابان، وعلى شكل صور احتفاليات دموية تحط من قيمة الإنسان.



وتصدر قرارات مماثلة عن الأمم المتحدة، ومحكمة العدل الدولية في لاهاي بحظر صيد الحيتان خصوصا في القارة القطبية الجنوبية، وتقوم اليابان بالتوقيع عليها، إلا أنها لا تزال مستمرة في صيدها الجائر، وبذريعة إجراء أبحاث علمية، ولكن الجمعيات الدولية للبيئة تؤكد على أن لحوم وزعانف الحيتان تجد طريقها إلى المطاعم اليابانية!



وما يثير القلق أن اليابان المفترض أنها أوقفت بشكل رسمي برنامج صيد الحيتان لأغراض تجارية، إلا أنها تتجه إلى البحار الباردة العميقة، في قرصنة بحرية شرهة مريعة، ما يحدو بحكومة أستراليا للتعبير عن إحباطها العميق، من استمرار اليابان في صيد الحيتان من المحيط الجنوبي.



وعلى كثرة ما يتم رفعه من شكاوى تحكم مؤخرا محكمة العدل الدولية عام 2014 في قضية رفعتها أستراليا مطالبة اليابان بإيقاف صيد الحيتان في المحيط الجنوبي، ما دفع طوكيو لوقف نشاطاتها في هذا المجال لموسم واحد، لكنها للأسف الشديد عادت واستأنفت عبثها عام 2015، تحت ذرائع وأسباب واهية.



إرهاب ياباني، من نوع مخصص، يضر بالكوكب، وبشتى المخلوقات، وهذا التصرف لم يكن متوقعا من شعب بلغ ما بلغه من تقدم صناعي، ومن نهضة ووعي ومحافظة على البيئة في جوانب عدة، حينما يفشلون هنا بقوة، ويكشفون عن الشق الهمجي من بشريتهم، الذي لم يتمكنوا من التغلب عليه في ذواتهم، ومعطياتهم، وموروثهم.



وهنا نتعجب، لماذا لا يتم معاملة اليابان، ومن يحذو حذوها في تدمير البيئة، بنفس مفهوم من يقترفون جرائم الحرب، ولماذا لا توقع عليهم العقوبات الدولية الصارمة، حتى يتوقفوا عن هذه الأعمال بالقوة، ويلتزموا أمام البشرية، والتاريخ.



@Shaheralnahari