محمد حطحوط

لا تضحك.. قصة حقيقية لمستشار أجنبي

الاثنين - 12 يونيو 2017

Mon - 12 Jun 2017

ضحكة مدوية في أركان المنزل أطلقتها عندما قرأت الاستنتاج النهائي الذي دونه الأمريكي مارتن لندستروم في كتابه «البيانات الصغيرة» (Small Data)، وذلك بعد زيارته للسعودية لاستشارة تسويقية.



بداية الحكاية عندما طلبت شركة عريقة مارتن لزيارة السعودية لمساعدتها في بناء مول ضخم في إحدى المدن الكبيرة، وطلبت الشركة من المستشار أن يبحث عن الرغبات والاحتياجات لدى العملاء التي لم تتم تلبيتها بعد، وذلك بهدف إشباعها في تصميم المجمع التجاري الجديد وستقوم هذه المعلومات بدور الدليل في اختيار الماركات والشركات التي يبحث عنها الناس، وهذا يضمن في نهاية المطاف منتجا مختلفا للتصميم الداخلي والخارجي للمجمع الجديد، وصناعة تجربة ثرية للعميل وهو يتجول في ردهات المبنى.



كانت البداية عندما زار مارتن لندستروم بيوتا سعودية كثيرة. أعطي الرجل صلاحيات الدخول لجميع غرف المنزل بما في ذلك المطبخ، لأن لديه نظرية ملخصها أنك تستطيع اكتشاف ظاهرة اجتماعية كبيرة من خلال صور صغيرة جدا وتفاصيل متناثرة هنا وهناك، وهي نظرية تبدو مغرية على الطاولة الأكاديمية، لكن تطبيقها كان مخجلا بل مضحكا في كثير من الأحيان كما حدث مع صاحبنا ومثاله السعودي، والذي دونه بفخر في كتابه وما زال يجوب مؤتمرات أمريكا مفتخرا بالإنجاز (الوهمي) الذي حققه في اكتشاف سر دفين لدى السعوديين!



يقول الرجل في كتابه: لاحظت أن السعوديين يعشقون وضع اللوحات في منازلهم، في المجلس ومقدمة المنزل والصالة، ولكن لفت الانتباه أن هناك قاسما مشتركا بين كل هذه الصور على الرغم من أنها في منازل مختلفة. الخيط المشترك - يتحمس الرجل هنا بلكنة المحقق كونان - أن كل هذه اللوحات تدور حول الماء، فهي أنهار طبيعية أو بحيرات أو شلالات!



الصدمة عزيزي القارئ ليست هنا، الصدمة أنه بنى على معلومة (لوحات الماء) التالي: السعودي يفتقد للماء لأنه يعيش في بيئة صحراوية، وبالتالي هو يريد الهروب من وطنه، ويريد العيش بالخارج!



ولم يخبره أحد أن السبب الوحيد أن هناك فتوى شرعية كانت مؤثرة في مرحلة من المراحل أن صور ذوات الأرواح تطرد الملائكة من المنزل! فات مستشارنا الكبير البعد الثقافي، وحكم على مجتمع شرقي بخلفيته الغربية!



وتبلغ الصدمة منتهاها عندما لاحظ الرجل أن الملابس من المغسلة تأتي في أكياس! واستنتج - كونان - مباشرة: السعودي يفتقد الثقة في نفسه ويبحث عن الحماية المستمرة، والدليل أنه يحمي ملابسه في أكياس! مرة أخرى لم يتطوع أحد ويخبر هذا - الأحمق - أن البلد مليان غبار وأتربة نظرا للطبيعة الصحراوية!



المحزن في القصة كاملة أن الشركة السعودية الكريمة أعلاه دفعت مبالغ طائلة للحصول على هذه الخزعبلات! المسوق الذي لا يفهم ثقافة المجتمع الذي يعمل فيه، بينه وبين النجاح كما بين المشرق والمغرب!



mhathut@