عبدالله المزهر

الكلام المفيد حقا

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الأربعاء - 17 مايو 2017

Wed - 17 May 2017

ولأن كل شيء يتغير ويتكيف مع البيئة وطبيعة العصر فإن التسول أيضا ناله بعض التغيير في آلياته وطرقه، وكان له نصيب من إبداع المبدعين واختراع المخترعين. وهو مجال حيوي عظيم ومصدر دخل كبير لا شك عندي في ذلك.



شاهدت قبل أيام مقطعا مصورا لمتسول يلح في التسول إلى درجة العنف، وصل إلى الشعرة الفاصلة بين التسول والاستجداء وبين السطو والاستيلاء بالقوة على أموال الآخرين. والحقيقة أن هذا ليس التطور المنشود في علم التسول ويعيد معاشر المتسولين إلى نقطة الصفر.



وحتى لا أقع في فخ التعميم وأظلم جهود الإخوة المتسولين فإن تصرف هذا المتسول لا يصلح ليكون مقياسا للتعامل مع بني كاره. ومن الواضح أنه لا يمتلك أي موهبة فلجأ إلى الطلب المباشر ومن ثم إلى العنف في التسول. لو كان شاعرا ـ على سبيل المثال ـ لأمكنه أن يتسول في قاعة فخمة مزودة بأحدث الأجهزة ولنقلت قصيدته العصماء التي تدور كل عباراتها واستعاراتها وكناياتها حول فكرة واحدة وهي «لله يا محسنين»، وسوف ينقل هذا الاستجداء على شاشات التلفزيون وينال محبة المعجبين والمعجبات.



ولو كان كاتبا في صحيفة لأمكنه أن يكتب مقالات مطولة، فيها من الحكم والسجع والاستعارات ما يغنيه عن الوقوف في الشارع في درجة حرارة تقارب الخمسين، يطرق زجاج سيارات العابرين ويسألهم أن يعطوه حقه المعلوم، فيعطيه بعضهم وينهره أغلبهم.



ولو كان إعلاميا أو مطربا أو مثقفا أو داعية لاكتشف أن الوقوف عند الإشارات وعند أبواب المساجد فكرة قد عفا عليها الزمن وأصبحت مستهلكة ودخلها لا يعادل تعبها. لكن المواهب نعمة ليست متاحة لأي أحد.



وعلى أي حال..



أرجو ألا يفهم أني ضد هؤلاء ـ معاذ الله ـ، أو أنني أكره طريقتهم في الحياة ـ لا سمح الله ـ، ولكني فقط أردت تنبيه الغافلين المتكاسلين الذين لا يسعون لتطوير أنفسهم وأدواتهم ويصرون على البقاء على أساليبهم القديمة.



وفيما يخصني فإني قد عقدت العزم على التغيير، وقريبا سأستبدل صورتي في الصحيفة بأخرى أظهر فيها وأنا أحمل طفلا مستعارا وعكازا مزيفا، وأكتب كلاما جميلا نافعا. ومن سار على الدرب وصل.



agrni@