عبدالله الجنيد

ترجمة ترمب سياسيا

الخميس - 04 مايو 2017

Thu - 04 May 2017

في آخر لقاء متلفز للرئيس ترمب مع قناة سي. بي. إس بتاريخ 30 أبريل الماضي، من خلال برنامج مواجهة الأمة Face The Nation أجاب الرئيس ترمب عن سؤال حول رد الولايات المتحدة في حال قامت بيونج يانج بتجربة نووية سادسة بقوله «إن ذلك سيجعلني غير سعيد جدا، وحتى الرئيس الصيني لن يكون سعيدا بذلك»، فجاء سؤال الاستتباع «هل تقصد بذلك عملا عسكريا؟» فأجاب «لست أدري.. لست أدري، دعنا ننتظر، لنرى».



فريق ترمب السياسي هو أهم نجاحات ترمب بشرط أن يقبل هو بمراجعة خطابه غير السياسي الذي يلزم فريقه بإعادة ترجمة ما يصدر عنه من مواقف، وذلك ما حدث لمستشار الرئيس للأمن القومي الجنرال ماكماستر عندما حل ضيفا على كريس والس (قناة فوكس). فعندما استوضح والس الجنرال ماكماستر «الرئيس طلب من كوريا الجنوبية سداد مبلغ مليار دولار قيمة منظومة ثاد للدفاع الجوي، فهل تتفق مع ذلك الطلب؟»، ماكماستر تصرف بكل كياسة سياسية «أنا لا أملك من هنا أن أتحدث بما يتعارض وتصريحات الرئيس، ولكن نحن ملتزمون بما تم الاتفاق عليه حول ذلك، وما قصده الرئيس هو أن يرفع حلفاؤنا من حجم الإنفاق الوطني لدعم برامج الدفاع والأمن المشترك».



القاموس اللغوي سياسيا للرئيس ترمب فقير جدا، لذلك يعتمد هو كثيرا على لغة الجسد في إيصال رسائله أو خيبات أمله كنتيجة التصويت على برنامج الرعاية الصحية المعروف بـ «أوباما كير». أما مقابلاته المتلفزة فهي محفوفة بالمخاطر دائما كما حدث مع قناة فوكس عندما قال بالخطأ «لقد قصفنا أهدافا في العراق»، مما اضطر مقدمة البرنامج للتدخل «سيدي الرئيس، بالطبع تقصد سوريا». ذلك الحادث لم يكن الأول، إلا أن ترمب لم يعتد بعد القبول بمبدأ مساءلته فهو الرئيس ترمب الآن.



حجم الجهد المفقود في ترجمة ترمب سياسيا في كل الملفات الخارجية كموقفه من الناتو إلى مطالبة كوريا والمملكة العربية السعودية بالإسهام في تكاليف الدفاع المشترك دون الرجوع إلى تفاصيل الاتفاقيات الحاكمة لتلك العلاقات يعد أمرا محرجا للإدارة، إلا أن فريق عمله يقوم بجهد محمود في ترجمة «نوايا الرئيس» إلى سياسات كما حدث من مبدأ مشروع الدولتين (فلسطين & إسرائيل) وصولا إلى مكوكية ريك تيلرسون ووزير الدفاع حول العالم، ولربما أن الأخير اضطر لإظهار شخصية (الكلب المسعور Mad Dog) في إقناع الرئيس بالتخلي عن التدخل في شؤون القادة الميدانيين.

ترمب يبقى الشخصية التي «ترغب في أن تكره Love To Hate» إلا أن الجميع يقر أنه أتى بحيوية للمشهد السياسي كانت مفقودة إبان عهد سلفه أوباما. ففي محادثة هاتفية بين ترمب وبوتين يوم الثلاثاء، اتفق الطرفان على أن التكلفة الإنسانية للأزمة السورية لم تعد مقبولة وعليه يجب إنهاء هذه الأزمة، فهل سيحسب ذلك نجاحا للإدارة أو نجاحا للرئيس في حال تحقق الحل في ذلك الملف البالغ التعقيد؟



الجنرال ماكماستر يمثل حجر سنمار في أحجية الإدارة، أما نيكي هايلي مندوبة الإدارة في الأمم المتحدة فهي عصاه الغليظة في مجلس الكبار. وفي حال قرر ريك تيلرسون الرحيل، فإنها بالتأكيد ستكون خياره الأول.



الملفات الخارجية بكل تفاصيلها وتعقيداتها هي في يد فريق كفء يجيد صياغة سياسات ناجحة تعكس رغبات الداخل والخارج، لكن استمرار تعطل الكلام كلما تحدث الرئيس قد يقود هذه الإدارة للدخول في نفق لا مخرج منه، خصوصا إن قرر هو تعديل جدول الأولويات من الشرق إلى الشرق. فالوزارات الثلاث (الخارجية، الدفاع، الأمن القومي) متفقة من حيث المبدأ على أن الاحتواء الإيجابي مقدم على المواجهة إلى حين إعادة تأهيل القوة العسكرية الأمريكية لتتلاءم وعقيدة ترمب (غير المعلنة حتى الآن)، إلا أن تحليق قاذفتين من فئة B-1B فوق بيونج يانج هو النوع المطلوب من الرسائل لإيصال جدية هذه الإدارة لجميع الأطراف المعنية، فلا حصانة للأجواء.



[email protected]