عبدالله المزهر

الجهل والمعرفة المشوهة!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الأربعاء - 12 أبريل 2017

Wed - 12 Apr 2017

أجمل ما في الحياة الافتراضية التي وفرتها شبكة الانترنت بشكل عام ومواقع التفاصل الاجتماعي بشكل خاص أنها جعلت من السهل على كل أحد أن يتقمص الشخصية التي لم يكنها في الواقع، أو التي يعجز ويجبن على أن يكونها.



يمكن أن تكون فاسدا منحرفا في الواقع، لكنك يمكن أن تكون شيخا له أتباعه ومريدوه في العالم الافتراضي يرون لحمك مسموما والتعرض لك بالنقد مخرج من الملة.

ويمكن أن تكون شخصية كريهة في منزلك، يكرهك أهل بيتك ويتمنون لو أنك كنت نسيا منسيا، يرون في خروجك من المنزل سعادة وراحة بال وفي دخولك كابوسا لا يزول حتى يرون عرض كتفيك وأنت تغادر. لكنك مع كل هذا يمكن أن تتقمص دور الحقوقي الناشط، الذي يدافع عن حقوق المرأة المضطهدة المسكينة المغلوبة على أمرها التي تعاني من الولاية والقوامة. أو أن تكون منظرا عظيما في التربية والحياة الأسرية وتتحدث بثقة عن «كيف تسعد من حولك».



يمكن أن تغرد من بغداد أو من طهران عن حقوق المرأة السعودية، وعن الكبد الذي يعيشه السعوديون والسعوديات، يمكن أن تتحدث من كوريا الشمالية عن حقوق الإنسان المنتهكة في «جزيرة العرب». ويمكنك أن تتحدث من دمشق عن ظلم الحكام.



كل من يتعامل مع العالم الافتراضي يعرف كل ما سبق، ويعتبرها أشياء بدهية والحديث عنها من توضيح الواضحات، وهذه ليست المشكلة، المشكلة الحقيقية أنها رغم هذه المعرفة المسبقة تعمل بشكل جيد، ويتعامل الكثيرون مع أخبار هذه الحسابات والمواقع كحقائق ومسلمات لا يمكن نقاشها.



والقضايا العادلة والمطالب المحقة لا شيء يفسدها ويشوهها أكثر من المحامي الفاشل، أو من له مآرب أخرى غير الحقيقة والعدل.



وعلى أي حال..



تويتر ـ على سبيل المثال ـ اختراع عظيم، وهو برلمان من لا برلمان له، وطريق تسلكه الأصوات التي لا تستطيع الوصول في الواقع، لكن تصديق كل شيء، والتعامل دون تثبت مع الأخبار الناقصة والمقاطع المجتزأة من سياقاتها يجعل من الجهل خيرا عظيما حين يقارن بشر المعرفة المشوهة أو الحقيقة الناقصة.



[email protected]