عبدالله المزهر

الملف الأخضر.. يمرض ولا يموت!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الثلاثاء - 28 مارس 2017

Tue - 28 Mar 2017

كنت أظن -كما أفعل دائما- بأن الملف الأخضر العلاقي أصبح تراثا مندثرا لا أثر له، ويوجد فقط في أحاديث وذكريات الطيبين من أبناء هذه البلاد المباركة.



ولكني اكتشفت أنه ما زال حيا يرزق، يتنقل بين أيدي العاطلين بشموخ، محافظا على مكانه ومكانته كرمز موحد وأبدي للبيروقراطية والإحباط واليأس.



وكثيرون أمثالي شاهدوا منظر طوابير العاطلين الباحثين عن عمل أمام إحدى الجهات وهم يتزاحمون من كل فج رجالا وركبانا وعلى كل ضامر، يفترشون الطرقات ويلوحون بملفاتهم الخضراء رمز الصمود الأبدي.



والحديث عن هذا المنظر ذو شجون، فلا يعلم المرء هل يتحدث عن البطالة أم عن الفشل في محاربتها أم في الحلول التي اخترعت من أجلها والتي كان أغلبها نظريا كسيحا، إن طبق على أرض الواقع لم يستطع أن يسير خطوة واحدة للأمام. والمتفائلون -أمثالي- يعتقدون أن الحلول التي طرحت لمعالجة هذه المشكلة كانت من باب رفع العتب، أي تقديم أي حلول من باب المشاركة فقط، التي تشعر المسؤولين الأكبر أن المسؤولين الأصغر قد قاموا بعمل شيء ما، ثم لا يهم بعد ذلك إن نجحت تلك الحلول أم فشلت فشلا ذريعا مريعا، ولا يهم إن كانت تناسب المجتمع الذي قدمت فيه أم إنها تصلح لسكان المريخ العاطلين عن الأمل.



ثم إن آمنا بأن حلول مشكلة البطالة هي رابعة الغول والعنقاء والخل الوفي، وأنه لا حل لها إلا بموت العاطلين، فعلى الأقل لماذا لا نخترع شكلا يحفظ كرامة الباحثين عن عمل حتى وإن لم يحصلوا عليه، لماذا الإصرار على الطوابير والملفات الخضراء في الوقت الذي يمكن استقبال الطلبات عن طريق الانترنت.



وعلى أي حال..



ليست الأمور دائما كما تبدو، وهذا ما يعزيني، فرغم كل شيء فقد أفرحتني رؤية ذلك الملف الأخضر، شعرت أنه صديق قديم عاد للتو بعد غيبة طويلة، وربما كان الهدف من وجوده هو إحياء الذكريات والشعور بالأمان، وأن الناس والأشياء لم تتغير، وأن الحياة ما زالت كما هي قبل اختراع الانترنت الذي كان وجوده مفسدة عظيمة، نسأل الله السلامة.



[email protected]