محمد العوفي

مواقف لسيارات الليموزين

الاثنين - 27 مارس 2017

Mon - 27 Mar 2017

تقول الإحصائيات إن نحو 60 ألف سيارة ليموزين تطوف شوارع الرياض يوميا حتى وقت متأخر من الليل، لا يوجد لها مواقف مخصصة يتم طلبها هاتفيا كما هو معمول به في معظم دول العالم، بل تركت تجوب الشوارع وتتجول عشوائيا للحصول على زبائن، لتضيف للاختناق والازدحام المروري فوضى مرورية، وعدم التزام بقواعد المرور والسلامة.



وفي جدة توجد 35 ألف سيارة، وفي الدمام وغيرها من مدن المملكة أرقام مقاربة أو تقل قليلا.



الفلسفة التي تقوم عليها تجارة سيارات الأجرة (الليموزين) غريبة نوعا ما، حيث تقوم على ضمان صاحب العمل حقه اليومي والذي يختلف من شركة إلى أخرى، لكنه يتراوح عادة ما بين 130 و150 ريالا صافية خالية من جميع المصروفات اليومية كوقود السيارة والأكل وغيرهما، وما زاد عن ذلك قل أو كثر للسائق الذي لا يتقاضى أي راتب من رب العمل أو كفيله، وحجم دخله يعتمد على ما يفيض بعد إيفاء الأجرة اليومية المتفق عليها للكفيل، لذلك يضطر السائق إلى مضاعفة عمله حتى ساعة متأخرة من الليل رغم التعب والإرهاق، لذلك كان التجوال العشوائي هو السبيل الأمثل لتحقيق مزيد من الأرباح في ظل انخفاض أسعار الوقود.



والحديث عن سعودة سائقي سيارات الليموزين ومعالجة وضعها طال أمده منذ أن صدر قرار وزارة العمل بسعودة سائقي الليموزين 100%، والذي صدر في عام 1426هـ، أي قبل أكثر من عشر سنوات، لكن ذلك القرار لم يجد طريقا للتطبيق لمقاومة أصحاب هذه الشركات ونفوذهم القوي، فتم تأجيل القرار أكثر من مرة تحت ذرائع متعددة، حتى أصبح الحديث عن تطبيقه لا يكاد يذكر إلا فيما ندر، ليتحول التوجه نحو تحديث نظام النقل بسيارات الأجرة وجعله أكثر انضباطية، بمنع مركبات الأجرة العامة من التجوال العشوائي للحصول على زبائن، وإلزام الشركات والمؤسسات المشغلة لها بالاشتراك مع مكاتب توجيه المركبات المرتبطة بمنصة (وصل)، عبر تطبيقات الهواتف الذكية أو الاتصال الهاتفي للركاب التي توفرها مكاتب خاصة، وتوجيه الطلب للسيارات العاملة في الخدمة.



وهو إن حدث، ولم يعترضه عارض يمنع تطبيقه، سيكون نقطة تحول في تنظيم سوق الأجرة أمنيا واجتماعيا واقتصاديا، لأنه يعني أن تكون جميع السيارات مسجلة في نظام (وصل) ومراقبة الكترونيا، وسيكون اسم الراكب والسائق معلوما ومسجلا، وسيتم تزويد العميل باسم السائق ورقم لوحة المركبة ورقم وسيلة الاتصال، وبالتالي فإن كافة المعلومات عن الأطراف معروفة ومسجلة، مما سيحد من القضايا الأخلاقية والأمنية، ومن ناحية أخرى سيحد من الاختناقات والازدحام المروري الذي بلغ ذروته بمساهمة من سيارات الليموزين، فلك أن تتخيل توقف 60 ألف سيارة عن التجوال في شوارع الرياض، أو 35 ألفا في شوارع جدة، كما أن نسبة الحوادث التي تسببها سيارات الليموزين ستقل كثيرا، كما أنه قد يفضي بصورة غير مباشرة إلى عزوف كثير من العمالة الوافدة عن العمل في قطاع الليموزين، مما قد يفضي إلى سعودة القطاع بصورة غير مباشرة في ظل إقبال كثير من المتقاعدين على تحسين دخولهم الشهرية.



التحدي الذي يواجه هيئة النقل في تقديم خدمة توجيه مركبات الأجرة يكمن في إيجاد مواقف في أحياء مناسبة قادرة على خدمة الأحياء المجاورة دون مواجهة اختناقات مرورية، فليس من المعقول أن تضع مواقف في كل حي من أحياء الرياض أو جدة أو الدمام أو غيرها من مدن المملكة، كما أن إيجاد مواقف قادرة على استيعاب عدد كبير من سيارات الليموزين يمثل تحديا آخر، ولا سيما أن لدينا بطئا وضعفا في التنسيق والتكامل بين الأجهزة الحكومية.



[email protected]