أحمد الهلالي

الكفاءات الوطنية والمرجفون!

الثلاثاء - 07 مارس 2017

Tue - 07 Mar 2017

عاد المبتعثون، وأعلنت المملكة رؤية التحول الوطني 2030، وهذان البرنامجان متلازمان تلازم اللحم والعظم، فلا يمكن أن نتحول ونحن لم نغير ما بأنفسنا، ولو كان ما بأنفسنا قابلا للتغيير ما اضطررنا للابتعاث وتغريب أبنائنا وبناتنا، وما دفعنا مليارات الريالات على ابتعاث أعداد هائلة عاد بعضهم متسلحا بالعلم والتميز، واضطرت الظروف بعضهم للعودة قبل اكتمال عتاده المعرفي، وعاد بعضهم كما ذهب؛ لأن كل المفاتيح المعرفية عجزت عن اختراق بناه المتراكبة.



نريد وطنا يحاكي أوطان العالمين تقدما ومعرفة، ونريده قويا، وصاحب رؤية ورسالة مميزة، وطنا هويته عربية إسلامية، وحضارته عالمية متفتحة على كل الحضارات، يأخذ ما ينفعنا ويعرض عما دون ذلك، ولعمري إننا نسير في الاتجاه الصحيح إن ظلت الخطى في ذات الاتجاه لا يحرفها عن هدفها المنير حارف ولا يصرفها صارف.



عالم اليوم مختلف التفكير والمنهج، إن لم تكن قويا فلست في الحسابات كلها، والقوة الحقيقية لأي حضارة لا تخرج عن مكوني (الاقتصاد/ والكفاءات) وكل الأمور الأخرى نواتج التزاوج بين هذين المكونين، وكلاهما ولله الحمد في بلادنا، فاقتصادنا لا يزال يتمتع بقوة محترمة بين العالمين، وكوادرنا تثبت أنها جديرة بالثقة، تتزايد كفاءتها بازدياد البرامج المعرفية المهيئة لها.



نعلم أن التغيير ليس سهلا البتة، ودون كل تغيير (خرط القتاد)، فثمة أصحاب مصالح ستتأثر بالتغيير، وأصحاب رؤى مؤدلجة أو سيطرة مزعومة يقفون جميعا سدودا في وجه كل تغيير، والساحة تعج بالأصوات المتباينة عقب كل تغيير، حسب عمق التغيير وأهميته، فإن طال التغيير الاقتصاد ارتفعت أصوات التجار والمقاولين وهولوا الأمر، ووعدوا بالويل والثبور وعظائم الأمور، وإن طال التغيير المناصب اعتمادا على الكفاءات دون النظر لغير الكفاءة ثار المتشددون ورفعوا لافتات التصنيف إن كان رجلا، ولافتات التغريب إن كانت امرأة.



نكذب على أنفسنا حين نظن أننا سنتطور بأدواتنا التي نعرفها من عقود، وقد عبثنا بقوتنا الاقتصادية ولم نخلق الكفاءات التي تستطيع صناعة الفرق، ومن كذبنا على أنفسنا أننا نبتعث أبناءنا ونغربهم فيعودوا ليعملوا تحت فكر القيادات القديمة، وتظل القنوات هي القنوات، حتى ندجّن المبتعث، ونسلكه في القنوات التي ابتعثناه من أجل تجديدها.



نكذب على أنفسنا حين نحتكر الكفاءات في منطقة بعينها، أو في جنس بعينه، فلا دخل للجنس ولا العمر ولا المنطقة ولا المحسوبية بالكفاءات، ولعل من كذبنا المضحك ثورة البعض ضد قرار تعيين الدكتورة دلال نمنقاني عميدة لكلية الطب في جامعة الطائف، وهو قرار حكيم منطقي من مدير الجامعة ووزير التعليم لكفاءة الدكتورة التي تشهد بها سيرتها، أضف إلى ذلك أن كلية الطب وخريجيها وخريجاتها كلهم سيختلطون في بيئة العمل في المستشفيات الحكومية والخاصة، وماذا سيحدث حين تقود عالمة جليلة هذه الكلية، وما العيب أن تتولى العالمات السعوديات إدارة المستشفيات والمدن الطبية والوزارة حتى؟ فمنذ خمسين عاما والناس يتمنون أن يجدوا حلا لمعضلة وزارة الصحة، ولم نجرب مرة أن تقودها كفاءة نسائية، ربما كان على يدها ما لم يهيئه الله لكل الوزراء الذين تسنموا هذا الجهاز الخدمي العملاق.



ختاما/ ليتنا نؤمن بالكفاءة، الكفاءة فقط، وندع كل الأحكام المسبقة لما بعد ذلك، فمخرجات الكفاءة هي مناط الحكم، لا شخص الكفاءة ذاتها، وليقتعد المتوجسون مقاعدهم لحساب الكفاءات عند المخرجات، أما قبل ذلك فلا حق ولا منطق يؤيد ما يصنعون، فمن حق كل كفاءة سعودية أن تأخذ فرصتها، ومن حق الوطن الاستفادة من الكفاءات التي صنعها.



[email protected]