شاهر النهاري

النهايات العظمى لسياسة كسر الجماجم

السبت - 04 فبراير 2017

Sat - 04 Feb 2017

لا شك أن ما يحدث بين نصف البشرية الحية على وجه البسيطة، وبين الرئيس الأمريكي الحالي ترمب، سياسة لا يمكن تسميتها إلا بسياسة كسر الجماجم.



أقول نصف البشرية بشكل تقديري عشوائي، فلا يمكن وضع نسبة علمية إحصائية لعدد البشر الموافقين على طبيعة أعماله، ولا على نسبة غير الموافقين، ولا للفئات الوسطى الصامتة، تلك التي تنتظر النتائج لتحكم برؤية بعدية لتقرر مع من تصطف!



ترمب جاء بقوانين جديدة مختلقة وجد أن الحل يكمن في تطبيقها، رغم معارضة تلك القوانين لمبادئ الديمقراطية والدستور الأمريكي، كما أنها تعد نشازا على نظم حقوق الإنسان، والتي تسود شريعتها على كل دول العالم في الوقت الحالي، وكل ذلك لأنه يعتقد بل يجزم على أن بلاده، التي كانت تتسيد العالم لم تعد كذلك لا سياسيا ولا اقتصاديا، ولذلك فقد وعد ناخبيه بأن يعيد لها أمجادا فقدتها بتخبط رؤساء مثل كلينتون وبوش الأب والابن وما تبعهم من ضعف أوباما، الذي يظهر للعين أنه لم يكن إلا مرحلة هزال متعمدة، ظلت تستدعي نشوء مرحلة قوة جديدة مثل ما يخطط له ترمب آنيا.



أمور عظيمة يشنها ترمب حربا على البعيد والقريب، وتحديات عظمى تقف في طريق تحقيقه لذلك، إلا إذا تمكن من الصمود والتضحية بكل ما يمكن التضحية به، حتى ولو كان ذلك كيان ووجود دولة الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها!



البعض يؤكد أنها خطة عالية الجودة والدقة، وأنها إلى نجاح، والبعض يراهن بلقمة يومه على أنها نقطة انصهار فاشلة.

ونهايات سياسة كسر الجماجم هذه لا بد أن تكون واحدة من: بداية عصر جديد من الديمقراطية المعنفة المقننة المشوهة، لتحمي الدول الغربية والعظمى من الإرهاب وشوارده، وبقوة وحسم.



رفض دولي لمثل هذه السياسات ونشوء فرقة بين الدول العظمى بحيث تتبدل خرائط مجلس الأمن، وهيئة الأمم المتحدة، وتنفض أحلاف وأسواق عالمية وغيرها من الكيانات والمعاهدات.



اتحاد العالم الدولي كتلة واحدة تسعى لثني ترمب عما يفعل.



بداية تفكك للولايات المتحدة الأمريكية، وانفصال ولاياتها مثلما حدث في دولة الاتحاد السوفيتي السابق، وحروب سياسية واقتصادية وعسكرية عنيفة مصيرية تخوضها دول جديدة مثل الصين واليابان وكوريا والهند والبرازيل وسواها لسيادة العالم.



بالنسبة للدول الإسلامية فقد يكون ذلك محفزا لبعضها لصنع تكتلات إسلامية، ولو أنه يستحيل أن تكون بأهداف موحدة، وربما زادت الفرقة والتشاحن بين تلك التكتلات، مؤدية إلى دخولها في حروب عسكرية خاصة لكسر الجماجم بطريقة (حيلهم بينهم).



وعلى نفس المستوى فقد يزداد الضغط والخنق العالمي على فئات ودول إسلامية قادرة عسكريا واقتصاديا، فتخنق دولا إسلامية أضعف منها بنفس طريقة ترمب، لحماية ذاتها وحدودها ومعتقداتها من المسلمين ذاتهم.



قد يحدث العجب بكل معانيه بأن تتحد جميع الدول الإسلامية، وتكون قوة تمتلك قرار ذاتها.

وقد تكون الاحتمالية الأخيرة، وهي قيام واستمرار نوع من الثورات الشعبية والعنصرية العنيفة المتعددة في وسط واشنطن، فلا تعود تنتهي إلا بكسر جمجمة ترمب بذاته.



تلك هي النهايات المتوقعة، والتي لا أشك بأنها تخطر على بال حكومة ترمب، وهي تفعل ما تفعله من استثارة بتخضيب ذرات سلم كانت خاملة، وللأسف بأنها اليوم تهدد العالم برمته، وتهدد كل تراث سلام الإنسانية المتراكم عبر العصور.



كفانا الله وإياكم من كسر الجماجم، الذي يهددنا جميعا، ويرعب مستقبلنا، ويجعلنا مجرد منظرين لا نملك قلما ولا ورقة ولا أداة بناء ولا طريق هروب، وما لنا سوى حماية جماجمنا مما قد يكون.



[email protected]