إسماعيل محمد التركستاني

القيادات الصحية.. والصمت المزمن!

الأربعاء - 25 يناير 2017

Wed - 25 Jan 2017

من خلال اطلاعي على النشرات العلمية والطبية، سواء تلك التي تتحدث عن النشاطات العلمية مثل سلامة المرضى أو التي تخص الرعاية الصحية في دول مثل أمريكا وبريطانيا، أجد أن هناك لقاءات يتم عقدها سنويا، حيث تلتقي مختلف القيادات الصحية مثل مديري المستشفيات الكبرى والمديرين الطبيين والتنفيذيين لتلك المستشفيات ورؤساء الأقسام الطبية.



وتكون هناك محاور عديدة تتناولها تلك اللقاءات، مثل عرض التجارب القيادية من قبل تلك القيادات في مختلف الشؤون الإدارية والفنية والتي يتناولونها ويتعاملون معها في خلال قيادتهم للمنشآت الصحية مثل معايير السلامة، ومعايير الجودة، ونسبة الوفيات، ونسبة الأخطاء الطبية وماهية الحلول الجذرية التي يطبقونها، وذلك للتقليل منها، ونسبة إشغال الأسرة الشهري والسنوي، إلى جانب العديد من الأمور الأخرى مثل المالية والتشغيلية لتلك المستشفيات.



إذن، تلك اللقاءات السنوية تكون مناسبة علمية تطرح فيها التجارب المفيدة لتلك القيادات ومناقشتها بصورة علنية وبشفافية تامة! وجذب الاهتمام لها وطرح الحلول التي يمكن بها تلافي الكثير من الأخطاء التي يمكن أن تتكرر في مستشفيات أخرى وتكون إيجابية لجميع العاملين في قطاع الرعاية الصحية وخدماتها المختلفة.



وفي المقابل، ومن خلال تجربتي المهنية في القطاع الصحي (الحكومي خاصة) أجد أن المديرين التنفيذيين، إضافة إلى المديرين الطبيين، قد يكونون من أوائل الحضور للجلوس في الصفوف الأولى في أي ندوة أو لقاء علمي، طبعا، مدير كاشخ في هيئته وله ثقله في المشي وثقل في الالتفات إلى من هم حوله مع تجهم في نظراته والقليل من الابتسام إلى من يعرفهم فقط، وللأسف لا يشاركون اللقاء بطرح تجاربهم العلمية والعملية (الإدارية خاصة) في قطاع هام جدا في الرعاية الصحية، وهذا القطاع هو قطاع القيادة الصحية.



وفي نهاية اللقاء العلمي، يتم إعطاؤهم الشهادات العلمية (الجميلة) والتي يذكر فيها مشاركة ذلك المدير (مدير كبير، اللفظ الذي يردده عمالة شرق آسيا) في حضور ذلك اللقاء العلمي، ومع تقديم كامل الشكر على قبوله والتلطف في حضور اللقاء (نعم.. رغم كثرة مشاغله!)، وتكون لهم غرفة خاصة (VIP) يجلسون فيها لتناول الشاهي وقطع الحلوى (بالعافية يارب)، ويكون حضورهم فقط في حفل الافتتاح والسلام على راعي المناسبة وعلى أصدقائه من المديرين (فقط)، ومن ثم الخروج مباشرة لتولي زمام القيادة مرة أخرى في منشأته الصحية، لأنه، لا وقت لديه يمكن أن يضيعه في الاستماع إلى بقية المحاضرات، فهناك العديد من الأمور الهامة والقيادية التي يجب أن ينشغل بها. نعم معذور! وكما نعرف، الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك!



باختصار، وكما ذكرت في مقالي السابق (الاهتمام بثقافة العامل في القطاع الصحي) أصبحت تلك اللقاءات العلمية هي لتحصيل الساعات العلمية المعتمدة في الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، وأصبح الحضور يأتي فقط للدخول من باب (التسجيل فقط) والخروج من باب آخر وتكون قاعة اللقاء لمن يريد أن يرتاح من ضغط العمل (للأسف).



نعم، لدينا كم كبير من المعلومات والتجارب المفيدة في القيادة الصحية، ولكننا، لا نستطيع الحصول عليها، لماذا؟ لأن ثقافة القائد الصحي هي: العمل في صمت (الكلام من فضة، السكوت من ذهب)، كلام جميل في الأدب العربي، ولكن في الحقل الصحي، السكوت وكتم وإخفاء المعلومات والتجارب المفيدة ونقلها إلى الأجيال القادمة تعتبر أنانية!!