عبدالله المزهر

كيري واستراحتنا والحقائق الرخيصة!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

السبت - 21 يناير 2017

Sat - 21 Jan 2017

الاحتفاظ بالحقيقة ومحاولة حجبها ومنعها من الظهور عارية للناس، ثم قولها في الوقت الذي تصبح فيه بلا قيمة، هي أكثر العادات التي يستخدمها البشر في هذه الحقبة السوداء من التاريخ.



وهي عادة لا تقتصر على فئة من البشر دون أخرى، فهي عادة يمارسها كثير من الخلق، لكنها تكون أكثر وضوحا واستفزازا حين يمارسها المسؤولون والوزراء السابقون ورؤساء الدول الذين يتركون مناصبهم.



في استراحتنا ـ على سبيل المثال ـ يكون الأمر مستفزا حين يبدأ أحد الأصدقاء الذين تركوا الاستراحة في تقديم اقتراحاته عن أماكن وضع الأشياء، أو نوعية الأثاث، أو حتى من هم الضيوف الذين يجب أن نستقبلهم، أو الذين يجب أن نطردهم شر طردة قبل أن يضعوا مرافقهم على «مراكينا». بينما لم يكن يتحدث عن أي من هذا حين كان أحد الأعضاء، لأن حديثه حينها يعني أنه سيتحمل جزءا من التكاليف.



وفي ذات السياق، فحين يتحدث وزير الخارجية الأمريكي وهو يستعد لمغادرة منصبه عن نوري المالكي، وبأنه مجرد زعيم ميليشيات طائفية، وأنه سبب رئيسي لما وصلت إليه المنطقة بشكل عام والعراق بشكل خاص، فإن حديثه أكثر استفزازا بالطبع من حديث صديقنا الذي غادر استراحتنا ثم انهال علينا باقتراحاته البناءة والرخيصة التي لن تكلفه أي شيء.



أمريكا ـ سيدة العالم ـ تعلم أن البغدادي ونوري خرجا من حاوية واحدة، وأنهما سينتهيان في حاوية أخرى معا، لكنها تصنف أحدهما على أنه إرهابي والآخر على أنه رجل دولة يستقبل في البيت الأبيض. وستفعل العكس لو رأت أن هذا هو ما تحتاجه، ولذلك فإن أغنية الحريات والعدالة التي تروجها لم يعد لها ذات الوقع، ولم تعد تطرب الكثير كما كانت تفعل حين غنيت للمرة الأولى.



وعلى أي حال..

اليوم يبدأ عهد جديد سيأتي فيه ساسة جدد وسيعرفون حقائق أخرى وسيحتفظون بها حين يكون لها ثمن، ولترويجها فائدة ومعنى، ثم يوزعونها على الناس مجانا حين تصبح بلا قيمة ولا أهمية لها كأنها رئيس أمريكي سابق.



[email protected]