أسامة يماني

سياستنا الخارجية.. عفارم

السبت - 14 يناير 2017

Sat - 14 Jan 2017

كلمة عفارم كلمة تركية تعني أحسنت أو جيد، والحقيقة أن المتابع للأحداث يجد تواجدا دبلوماسيا سعوديا فعالا وملموسا مدركا لكافة الجوانب العالمية والمحلية والاقتصادية والدينية ليوظفها لصالح الاستقرار والسلم العالمي ولمنطقة الشرق الأوسط، كما نجحت الدبلوماسية السعودية في الوقوف بثبات في وجه العربدة الإيرانية وأمام خرقها للأعراف والتقاليد وفضحها أمام العالم الذي يعمد الكبار فيه إلى غض النظر عن هذه التصرفات لإخفاء حقيقة هذه الدولة الخارجة عن القانون.



لقد استغلت أمريكا المشاكل والأحداث ووظفتها لصالحها على مدى التاريخ الحديث، ولهذا فإن من يذهب بأن أوباما الرئيس الأمريكي الذي ستنتهي ولايته قريبا قد انتهج سياسات أدت إلى تغيير خريطة العلاقات والتحالفات في المنطقة، فإنه يرى الصورة الآنية، فلو دققنا قليلا لوجدنا أن هذه السياسة مرسوم لها منذ ظهور أمريكا كقوة عالمية عظمى. فسياسة الانقلابات التي عمت أمريكا الجنوبية والعالم العربي وأفريقيا في الخمسينات والستينات من القرن السابق كانت بمباركة أمريكية وتشجيع منها.



لقد وظفت واستغلت الولايات المتحدة الأمريكية الجريمة التي ارتكبتها العراق في حق دولة الكويت الشقيقة والتي يذهب البعض إلى أن أمريكا قد تكون هي التي حفزت الرئيس السابق صدام حسين بطرق غير مباشرة واستدرجته لها، فكانت البداية ثم كان الحصار الغاشم ثم اجتياح العراق تحت غطاء أسلحة الدمار الشامل ومحاربة الدكتاتورية والنتيجة خلقت الفوضى والدمار، وتلاعبت بمقدرات الشعب العراقي، وغرست الطائفية والعنصرية في الدستور الذي رعته وسلمت البلاد لقمة سائغة لإيران لكي تعربد في المنطقة.



لقد أظهرت أمريكا لحلفائها في المنطقة في ظل الإدارات الأمريكية خلافا حادا مع إيران، وكان المشاهد يترقب ساعة الهجوم الأمريكي الوشيك. غير أن الحقيقة أن إيران الخمينية صنيعة أمريكية بامتياز فقد أحضرت الخميني طائرة فرنسية من باريس حيث كانت تحتضنه عند حليفتها فرنسا في انتظار رحيل حليفها السابق شاه إيران الذي ضللته وزودته بالمعلومات الخاطئة لكي يرحل عن إيران ويسلمها للخميني ليبدأ مسلسل تفتيت المنطقة. فالسياسي العبقري لا يركن للأقوال بل للأفعال كما لا يأخذ بالنوايا الحسنة وإنما بالسياسات التي تمارس على الأرض. فقد خدعت إيران العالم بأن هناك معتدلين وصقورا فطمعت الآخرين بنجاح المعتدلين فانتهجوا سياسات متهاونة مع إيران، استغلتها إيران لاستكمال برنامجها النووي.



وقد كانت الدبلوماسية السعودية ترصد كل التغيرات وتحسب كل الخطوات وتوظف جميع عناصر القوة والضغط لتوقف هذا المخطط الرهيب في مصر والشرق الأوسط ولحماية الخليج العربي فنجحت في تشكيل التحالف الذي تصدى في الشق السياسي لسياسات إيران في اليمن والخليج، ومن هذه النجاحات إجماع العالم الإسلامي على إدانة السياسات الإيرانية في المنطقة. إن الواقع العملي يثبت دائما أن إيران تهاب القوي وتخاف من استخدام القوة ضدها لذا سارعت في إنهاء قضية الرهائن قبل وصول الرئيس الأمريكي ريغان. فسياسة الحزم هي اللغة الوحيدة التي تفهمها إيران.



إن انفتاح الدبلوماسية السعودية على روسيا لخير دليل على القدرة في التحرك وعدم ترك الفراغات، والحقيقة أن ديناميكية التحركات الديبلوماسية شرقا وغربا ووصولا إلى القارة الأفريقية أربكت حسابات إيران وأخرجتها من القرن الأفريقي وأمنت الممرات المائية. المشاهد للصورة سوف يرى تحركات على كل الأصعدة وحضورا فعالا على المستوى العالمي. والأمل في أن نشاهد مزيدا من النجاحات في تشكيل قوة إقليمية عربية والاستفادة من عناصر القوة والتكامل بين السعودية ودول الخليج من جهة، وبين مصر من جهة أخرى، بدلا من النظر في نقاط الخلاف غير الجوهري والتي يسعى الأعداء لتضخيمها بمساعدة من بعض القوى الإقليمية الطامحة في إعادة الإمبراطوريات القديمة.



وبفضل من المولى نشاهد كل يوم نجاحا جديدا ودبلوماسية فعالة تجعلنا نقول: عفارم عليك يا دبلوماسية.



osamayamani@