سهام الطويري

الترشيد المالي في العائلة السعودية

الاحد - 08 يناير 2017

Sun - 08 Jan 2017

مع النزول المفاجئ في ميزانية الصرف المالي داخل الأسرة السعودية إلا أن التأقلم مع تلك الميزانيات لا يزال شبه معدوم لدى أغلبية أفراد الأسرة الواحدة، حيث لم يعتد الفرد الواحد على موضوعية التعامل مع الأزمات المالية المفاجئة، لأنه كفرد: ابن وابنة أو زوجة غير عاملة أو خادمة أو سائق وغيره، لا يدرك من قيمة المال سوى أنه المادة المدفوعة من قبل المسؤول المالي داخل العائلة (الموظف العائل)، للحصول على مادة في غالبها ترفيهية، ولكنها كأساس مهم في مظهر ذلك الفرد.



وحتى على إطار الموظفين المعولين داخل العائلة فقد يكون جميع أفراد العائلة موظفين في ذات المنزل الواحد وهو منزل الوالد، ولكن الافتقار في التعاون والترشيد هو سمة ذلك المنزل السعودي الذي لا تجد فيه فواتير الخدمات الأساسية كالماء والكهرباء والغاز والانترنت بديلا عن رب الأسرة الكبير لسدادها، بينما يتمتع كل فرد موظف في تلك الأسرة باستقلاليته المالية وأنانيته اللامسؤولة في عدم المشاركة الشهرية بمقطوع مالي ثابت للمساهمة في مصاريف بيت العائلة.



هذه الظاهرة موجودة في أغلبية البيوت السعودية، حيث لا التقاء بين رواتب الأشقاء ووالدهم داخل المنزل الواحد. ظاهرة اللامسؤولية في الشراكة الإنفاقية داخل المنزل الكبير، مع الأسف، لم تثمر في واقعها نجاح نمو مالي، أو بناء أعمال فردية لأولئك الأفراد المستقلين داخل الأسرة الواحدة، حيث إن أغلبية هؤلاء الأفراد لا يزالون يرون عدم كفاية الرواتب، انطلاقا من قناعة أنها ليست إلا كمصروف «الفسحة» أيام المدارس، فنجد أغلبية هؤلاء الأفراد لا يعيرون اهتماما بمتغيرات الاقتصاد المتقلص على المستوى العام.

الاتكالية على رب الأسرة كعائل وحيد والقناعة بأن الراتب مصروف فسحة لدى الفرد في العائلة السعودية الكبيرة ستخلقان لا محالة حالة من الضياع لدى طيف متواكل من المجتمع الجديد، لن يدرك ماهية الضياع إلا بعد فقد العائل الكبير في الأسرة الذي كان مسؤولا عن الإنفاق على أساسيات الحياة في المنزل الكبير.



ظاهرة عدم الترشيد المالي والشراكة الإنفاقية وعدم استغلال مفهوم فرصة بناء الذات ماليا داخل الحضن العائلي داخل الأسرة السعودية تحتاج إلى تسليط الضوء الإعلامي والثقافي والبحث وتعميق الدراسات والتوعية في هذا المجال من قبل المتخصصين.



نحن بحاجة إلى خطاب اقتصادي مسؤول إلى تلك الشرائح العريضة المتواكلة داخل الأسر، لأنها ستشكل في المستقبل مشكلة ستفوق على قلة الحيلة في مواجهة مصاعب الحياة، لأننا بدأنا نسمع عن فشل الورثة في اقتسام تركة البيت المتهالك، أو ضياع الورثة بعد اقتطاع بضع عشرات الآلاف من قسمة أرض وحيدة أو شقة أو حتى عمارة من عدة طوابق، أو حتى طلاق الزوجة من زوجها ومساومته لها بين أبنائها أو التنازل عن حصتها فيما شيداه سويا من عقار بسيط، ومع تلك الدوامات من دخول في مجال الاقتراض البنكي أو اللجوء للضمان الاجتماعي أو الهجرة للزواج من خادمات خارج البلاد.



[email protected]