لا تصرف ما في الجيب.. فلا تعلم الغيب

الجمعة - 06 يناير 2017

Fri - 06 Jan 2017

كلنا يعلم الهبوط الذي طرأ على دخل بعض المواطنين السعوديين إثر القرارات الملكية الأخيرة بإلغاء بعض البدلات بعد أن كان الفرد السعودي يخصص جزءا كبيرا من دخله للإسراف والتبذير والتباهي والقروض التي هو بغنى عنها، وبالطبع هذه سمة بعض أفراد المجتمع السعودي، وأقصد هنا الاستهلاك الترفي وهو الإنفاق على سلع كمالية وفي مناسبات غير ضرورية بقصد التباهي وحب الظهور وتعويض نقص اجتماعي معيّن، وقد يلجأ البعض لاكتساب المال بطريقة غير شرعية لإشباع رغباتهم الاستهلاكية فالإدمان على الشراء والاستهلاك الترفي لا يقلان خطرا ودمارا نفسيا عن خطر الإدمان على الكحول أو المخدرات وقد يكون لهما ردة فعل كالكآبة والتوتر النفسي.



وحسب آخر دراسة للهيئة العامة للإحصاء فقد تبين أن متوسط إنفاق الأسرة السعودية على الأغذية 3143 ريالا وعلى التبغ 38 وعلى الكساء 1060 وعلى السكن والمياه والكهرباء والغاز 3454 وعلى تأثيث وتجهيزات المنزل 1388 وعلى الرعاية الصحية 319 وعلى النقل 1655 وعلى الاتصالات 1118 وعلى الترفيه والثقافة 546 وعلى التعليم 394 وعلى المطاعم والفنادق 840 وعلى السلع والخدمات الشخصية المتنوعة 3947، مما يعني أن متوسط إجمالي إنفاق الأسرة السعودية الشهري 17902 ريال، علما أن متوسط دخل الأسرة السعودية 13600 ريال، وهذا دليل على عدم منطقية الإنفاق، عوضا عن ذلك وحسب استطلاع جمعية حماية المستهلك فإن 96% من السعوديين لا يعرفون حقوقهم وواجباتهم الاستهلاكية، ويتضح لنا من خلال هذه الإحصاءات أن الخلل ليس في إلغاء الدولة البدلات بل في القروض والإنفاق الزائد عن الحاجة.



وبعد الإعلان عن برنامج حساب المواطن أحد برامج رؤية 2030 لا بد أن نقدم شكرنا للدولة لدعمها من شملهم قرار إلغاء بعض البدلات وذوي الدخل المحدود والمتوسط، وهنا قد يتبادر لذهن القارئ أن برنامج حساب المواطن ليس تعويضا عن البدلات التي ألغيت بل لدعم المواطن لمواجهة ارتفاع أسعار بعض الخدمات مستقبلا، ويجب علينا أن نعلم أن هذا البرنامج وضع لهذين السببين معا، ولا بد أن نعي بأن أسعار تلك الخدمات سترتفع للحفاظ على اقتصاد قوي ومتين للوطن لنستطيع من خلاله مواجهة تقلبات أسعار النفط، وبالتالي ضمان حياة كريمة للمجتمع السعودي مستقبلا.



وسيكون هذا البدل محفزا لكل مواطن على أن يدخر، لذا يجب علينا التخلص من الأساليب الاستهلاكية السلبية حتى لا يسبب الاستهلاك الترفي الفقر وسط الرخاء كما هو حال معظم الأسر السعودية، ويجب كبح الانفعال العاطفي ومراقبة الاستهلاك والتحكم في كميته ونوعه وسعره، وأتمنى من وزارة التعليم إدراج ثقافة المستهلك الصحيحة ضمن مناهجها، وأن تنفذ وزارة التجارة والاستثمار حملات تثقيفية لتوعية المستهلكين بحقوقهم وواجباتهم، وتيسير فتح قنوات فعالة للاستثمار.