#التجنيد_إجباري

الأربعاء - 23 نوفمبر 2016

Wed - 23 Nov 2016

ترددت مؤخرا شائعات حول صدور قرار بالتجنيد الإلزامي في المملكة، في حين لم يصرح مصدر رسمي بمثل ذلك.



ولأن الخبر يصلنا من مصادر مشتتة وغير موثوقة فردة فعلنا الطبيعية تتمثل في أن نصرفه وننصرف عنه بلا اهتمام، بينما يجدر بنا - لو توقفنا لبرهة وحسبناها- أن نوليه اهتماما عظيما، ولو كان لا يتعدى كونه شائعة في الوقت الراهن، ليس لسبب إلا لأنه في حال ثبت وكان فعلا قرارا في طور الإعداد في مطبخ صناع القرار وتم تسريبه عنوة لقياس ردة فعل العامة والذين بدورهم أغفلوه، حينها سيكون قد فات الفوات لأن نبدي آراءنا، أو أن تؤخذ بعين الاعتبار لو افترضنا بحسن نية أن لها وزنا يحدث أثرا على موازين طبخ القرارات.



مع آخر شائعة بالخبر ذاته وصلتني تقلبت الأفكار في رأسي حول افتراضية التجنيد الإلزامي، وما إن كنت على استعداد بأن أمتثل وأرسل أبنائي، أو بالأصح أن أتصالح مع رؤيتهم يمتثلون، فهم إن حان إلزامهم يكونون قد بلغوا سن الرشد ولهم قرارهم واختيارهم. كانت أفكارا متضاربة بين واجبنا تجاه الوطن وواجب الوطن تجاهنا! هل يسقط غياب أحدهما الآخر أو يعتمد عليه؟ أفكار عنيفة بين إلزامية كل صغيرة وكبيرة، انتهاء بالتجنيد وبين حق الاختيار في المقابل. سقطت «الوطنية» على خط الأفكار وتساءلت: هل تنقصني الوطنية لو كنت ضد القرار المفترض؟ وهل أنضح «وطنية» لو كنت معه؟ ماذا لو خاض أبنائي حربا لم أقتنع بجدواها؟ ماذا لو فقدتهم فيها وهي بالنسبة لي واهية لا تستحق أن تحصد الأرواح وكان يمكن تفاديها بالقوة الناعمة الدبلوماسية، ببعض التنازلات وبعض التواضع وبعض الاتفاقيات الاقتصادية؟ هل يهم رأيي المتواضع الساذج كمواطنة بسيطة في سياسة دولة؟ من أكون لأقيم قرارات مصيرية كتلك التي تستلزم التجنيد؟



ثم تبادر لذهني أنني أم جنود مشاركين يحققون هذه القرارات وينقلونها من مجرد كلمات فخمة ارتمت عبر طاولة فخمة إلى أرض معركة دامية دائمة لشهور، لسنين أو لعقود وبعدها يعودون أغراب الدار.. يعودون وقد شاب رأسي خوفا، وضعف قلبي يأسا، ونهش عظامي الانتظار والوحدة. يعودون وقد ابتلع قلبهم الهلع. يعودون بلا ساق أو بلا ذراع أو بلا قلب.. أكون أما لجنود قد لا يعودون من حرب لم أخترها، فهل لرأيي وزن يحدث أثرا على موازين مقادير الطبخة؟

ما هو شعوري تجاه التجنيد الإلزامي المفترض؟ عادت لمقدمة رأسي رسائل كثر وصلت لجهازي من هنا وهناك في أوقات متفرقة، أخبار جنود صرعوا، يليها نعي فاخر يليق بأرواحهم الشجاعة وأبيات شعر مؤثرة تليق بحجم تضحيتهم مع غزل في «وطنيتهم» المتصدرة. عادت أيضا عبارة تتردد كثيرا «وطن لا نحميه، لا نستحق العيش فيه»، وطرح سؤال نفسه: هل هناك عبارة أخرى في مكان ما تنادي على الوطن بأن يحمي أبناءه؟ يحميهم من الغش التجاري، ومن الفساد الإداري، ومن الطبقية، ومن الأفضلية القبلية والجنسية، ومن القصور الوظيفي، ومن الإرهاب الفكري، ومن مركزية القرار؟ ربما كان من الأفضل أن نفصل بين واجبات الوطن تجاهنا، وبين واجباتنا تجاهه حتى تتحرك العربة العالقة.



بين تلاطم الأفكار قررت أن «أجس نبض» شريحة عشوائية من المجتمع من باب الفضول، فأجريت استفتاء مدته 48 ساعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي شارك فيه بنهاية اليوم الأول 424 ، واختار ما نسبته 53% منهم أنهم في حال أصبح التجنيد إلزاميا سوف يجدون طريقة للخلاص. نتيجة تستحق التأمل..



[email protected]