السفر واجب حياتي

الثلاثاء - 25 أكتوبر 2016

Tue - 25 Oct 2016

من لم يجرب السفر بأبعاده ومعانيه؛ سيظل محتجبا عن استكشاف ذاته والحياة والكون والإنسان.



بالطبع لا أقصد السفر المتعي الترويحي بل أقصد نوعا آخر من السفر، السفر الارتحالي، التأملي، الإدراكي.



السفر الذي يكون نوعا من المخاض المعنوي الروحي، حيث تتم فيه الولادة المتعددة والمتجددة المقدرة للإنسان أن يحياها على بساط الأرض.



يجب أن ألوح لحقيقة فائقة، وهي أن ليس كل أحد يجيد السفر! ذلك أنه حين يسافر لا يتخفف من أحكامه المسبقة حول الإنسان والحياة. ذلك أنه لا يقابل الإنسان الكامن فيه، الذي لا يعرف شيئا عنه. ذلك أنه ينشغل بالنظر والاستمتاع ويفقد الدهشة والتأمل.



بتلك الأبعاد تتأكد لنا القدرة المتخفية في السفر، باعتباره هبة الإنسان للسير في الأرض؛ السير الذي تلحقه مسيرة وتجربة حياتية تتناسل وتتكاثر أفقيا وعموديا.



مرة أخرى أقول إن السفر الذي لا يحدث أثرا منعكسا لا يعول عليه، ولا يحق لصاحبه أن يقول: سافرت حقا!



السفر- كما يتراءا لي - رمزية للسفر والارتحال الداخلي، فما يحدث بالخارج يحدث بالداخل بطريقة أو بأخرى.



السفر اقتحام للمجهول في الذات والحياة، واستجابة للسؤال والفضول والرغبة في تجربة الحياة والتفاعل معها.



السفر ترويض لضبط النفس، وتعليم للفراسة؛ فراسة الإنسان والحياة.



السفر كشف للاحتياجات وأوجه التحسن في الحياة، وإعادة اكتشاف للذات.



وحين أبتهل بالسفر أقول: في سفري تعرفت على خبايا نفسي، وتعلمت مدى مقدرتي وإرادتي.



في سفري تبت إلى الله أنني لم أكن مسافرا طيلة حياتي.



بهذه المعاني المتراكمة، ينبغي لنا - بشكل جدي - إعادة النظر والتساؤل حيال مفردة «السفر» بما فيها من تجليات هائلة.