فاتن محمد حسين

لنستفيد من حادثة التدافع

مكيون
مكيون

الثلاثاء - 02 أغسطس 2016

Tue - 02 Aug 2016

ستبقى حادثة تدافع منى التي حدثت في شارع 204 العام الماضي 1436هـ، أسوأ حادثة في مواسم الحج، بالرغم من الجهود الجبارة التي تبذلها حكومة المملكة العربية السعودية، والأموال الطائلة التي تنفقها في المشاريع والتي تفيأ خلالها حجاج بيت الله الحرام نعمة الأمن والسلام وأداء المناسك بيسر وسهولة وأمان.



ولسنا بصدد رمي التهم جزافا نحو جهات خارجية تسببت في الحادثة ولا نريد البحث في الماضي المؤلم إلا بالقدر الذي يمكن من الاستفادة من معطياته في تعديل خططنا من خلال اكتشاف الثغرات البسيطة لتطوير الخطط والبرامج والتنسيق العالي بين الجهات الحكومية الخدمية كافة، وهذا أمر ضروري وحتمي وبأن تكون هناك قيادة موحدة للخدمات، فليس كل جهة تعمل بمعزل عن الأخرى حتى تتكامل الرؤى التخطيطية ويكون التنفيذ على أرض الواقع شاملا، فارتفاع الكثافة البشرية يتطلب تنظيما في حركات الحشود وأن تكون في مسارات مخصصة للدخول وأخرى للخروج، وأن توضع الإشارات الصوتية والضوئية الالكترونية في الطرق بكل اللغات لإرشاد الحشود.



كما أن التفويج المنظم والذي تحدد خطته وزارة الحج والعمرة ومؤسسات الطوافة مهم جدا في انسيابية حركة الحجيج ومنع التكدس مع علمي -للأسف- بمعاناة مكاتب الخدمة الميدانية مع الحجاج في عدم التزام بعضهم بجداول التفويج وخاصة من مزدلفة واستعجالهم بالرمي للجمرات دون المرور بالمخيم المخصص لهم وبذلك لا يمكن السيطرة على تلك الكتل البشرية التي تسلك طرقا غير مخصصة لها.



وهذا ما حدث العام الماضي، حيث اندفعت الحشود من شارع 206 إلى 204، وكان الخروج أشبه بالخروج من عنق الزجاجة. لذا لا بد من اتفاقات تبرم بين وزير الحج مع دول العالم الإسلامي بتوعية كل دولة لحجاجها وخاصة ضرورة الالتزام بالأنظمة والقوانين وتعليمات وزارة الحج ومكاتب الخدمة الميدانية المبلغة لهم حفاظا على سلامتهم وسلامة الحجاج الآخرين وأن حدوث أي مشكلة تزاحم أو تدافع أو دهس وغيرها تكون مسؤوليتهم أمام الله والعالم الإسلامي. كما أقترح أن يسلم جدول التفويج للحجاج عبر المسار الالكتروني لكل بلد إسلامي والخرائط الالكترونية، بحيث تكون (بعثات الحج) مسؤولة عن توعية حجاجها بالتفويج.



وقد أثلج صدورنا خبر إطلاق وزير الحج والعمرة د. محمد صالح بنتن أعمال مركز التحكم ونظام المراقبة والذي يهدف إلى رفع مستوى الأداء الخدمي لأعمال الوزارة لحج هذا العام 1437هـ ولربط الفرق الميدانية بصناع القرار ورصد السلبيات أولا بأول ومعالجتها من خلال لوحة التحكم المرتبطة على مدار الساعة بالقيادات ومؤسسات الطوافة وحملات الحج. إن مثل هذا المشروع الرائع من المفترض أن يكون مطبقا بين كل الجهات الخدمية.



كما لا بد من التنويه بضرورة مضاعفة جاهزية (الطوارئ) لكل الخدمات من كوادر بشرية مدربة ومعدات وأماكن الإيواء والتغذية وغيرها وكذلك خدمات طوارئ وزارة الصحة، والتي تتطلب رفع أهبة الاستعداد والجاهزية إلى أعلى مستوياتها، وزيادة أعداد مراكز الطوارئ، والمستشفيات، والكوادر الطبية، والأدوية، وسيارات الإسعاف، والإخلاء الطبي، ومراكز تبريد لحالات ضربات الشمس، حيث إن هذا العام والسنوات المقبلة سيكون الحج في أعلى فصول الصيف حرارة، ويتوقع حدوث حالات إجهاد وضربات شمس كبيرة



وما زلنا نتذكر (سنوات الشوطة) التي مرت بمكة وتعرض الكثير من الحجاج للموت بسبب الحرارة وضربات الشمس، وضرورة أن تكون كل الطواقم في حالة استنفار بشكل يتناسب مع كثافة الحجاج.

مع أننا لا ننسى الجهود الجبارة التي تبذلها الدولة في توفير التبريد والتهوية برذاذ الماء الذي يخفف كثيرا من حدة الحرارة في طرقات منى وعرفات، كما لا ننسى جهود بعض من مؤسسات الطوافة واللجان النسائية فيها، وبعض من شركات الاتصالات بتقديم الهدايا للحجاج عبارة عن مظلات واقية من الشمس ونتمنى أن تستمر لهذا العام والأعوام المقبلة.



أعلم أن هناك جهودا كبيرة تبذل واستعدادات يخطط لها، ولكن لنبدع في رسم ملامح النجاح في الحج تلبية لتطلعات قادة الوطن في توفير أقصى درجات الراحة والطمأنينة لحجاج بيت الله الحرام.