محمد حطحوط

النساء يقدن السيارة في تثليث!

الاثنين - 30 مايو 2016

Mon - 30 May 2016

لولا قصة حدثت للعبد الفقير في بحر الأيام الماضية، لما فكرت مطلقا في الكتابة في موضوع مثل هذا، لأنه أشبع طرحا، وكل تخندق في مخيمه الفكري، ومن إضاعة الوقت والجهد الخوض في قضايا كهذه. الحكاية بدأت من خلال المرور على مدينة تثليث، وهي تابعة لمنطقة عسير، خلال رحلة شملت مجموعة من المدن. آخر العهد بتثليث قبل عشرين سنة تقريبا، وقد تغيرت المدينة تماما وازدانت بالميادين والمسطحات الخضراء التي لا تنتهي. في شارع المدينة الرئيس، صدمت أمام المشهد التالي: امرأة تقود سيارتها (الونيت) بكل ثقة واقتدار، ثم تعود بالسيارة للوراء (ريوس) حتى وقفت عند محل للتبريد والأجهزة الكهربائية. نزلت المرأة الأربعينية من سيارتها - وعلى زجاج السيارة تغييم زيرو ثري أسود - ثم أعطت العامل تكلفة إصلاحه لغسالة ملابس منزلية، ثم وُضعت على ظهر السيارة وقامت بربطها، ثم امتطت صهوة (الونيت) وانطلقت لإنهاء مهامها وبقيت مدهوشا. (أم مناحي) وهذا اسم منحته إياها تجوزا، ولا أعرف من هي أو من تكون، تجاوزت الخلافات الثقافية والمعارك بين التيارات، وحسمت قضيتها، وذلك تحت وطأة الحاجة، ولا شيء آخر غير الحاجة الملحة. شهادة أكتبها هنا في حق أم مناحي، أنها بحجابها الكامل الضافي من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها، وعليها قفازان يغطيان يديها، والكل يتعامل معها باحترام كبير.

ذكرت القصة لصديق من ذات المدينة، وأردف قائلا إن المرأة لا تسوق هنا إلا محتاجة. إما مطلقة، أو وحيدة والدها كبير السن. تأكد أن خلف كل امرأة تقود هنا قصة مليئة بالدموع والأحزان، وأن القصد ليس القيادة لذات القيادة.

مرة أخرى المقال هذا لا يصطف مع القضية أو ضدها، وإنما يهدف لغرض وحيد، من كانت في حاجة من صاحبات أم مناحي، فمن حق المرأة المسلمة أن تعيش حياة كريمة يكفلها لها الدين الحنيف، إما بالاستعجال بتوفير شبكة من الباصات يستطيع الإنسان من خلالها التنقل وتوفير حاجاته الأولية، أو بإيجاد نظام لأم مناحي يوفر لها حقا كفله الله لها في كتابه الكريم وحث عليه نبيه في سنته صلى الله عليه وسلم. إياك أن تقول (سائق أجنبي) حل للمشكلة، لأن أم مناحي ستغضب من ذلك الحل كثيرا! وإياك أن تسألها عن سبب الغضب، لأنها قد تنفجر في وجهك!

[email protected]