سريرنا بين الاستجداء والاسترحام والإفلاس

الأربعاء - 25 مايو 2016

Wed - 25 May 2016

معالي الوزير الموفق توفيق الربيعة

السلام عليكم ورحمة الله

لا حاجة لِي أن أذكر مدى حب الناس الذي حصدته بتسنمك وزارة التجارة ووقوفك في صف المستهلك.

والآن قدمت إلى الوزارة التي ترافق الإنسان من المهد إلى اللحد، فهي تصدر له شهادة الميلاد ثم بعد معاناته في هذه الدنيا تصدر له شهادة الوفاة، شهادة أنه قد تخلص من (تفكيره) في السكن.

رغم أهمية وزارتكم الجديدة أرجو من معاليكم عدم طلب خدمات أي شركة استشارية، فالأمر لا يحتاج مع مثلكم لا لورش عمل ولا تفكير خارج الصندوق ولا داخله. أنت بالذات لا تحتاج لكل ذلك، فكل المطلوب من معاليك أن تطبق في وزارة الصحة ما طبقت في التجارة. في وزارة التجارة كنت في صف المواطن ضد التجار، فكن في وزارة الصحة في صف المواطن ضد.... (وبدون أي ضد، كن في صفه هنا كما كنت هناك).

في وزارة التجارة ضمنت للمواطن أن يجد قطعة غيار لسيارته، فاضمن له في الصحة أن يجد سريرا لوعكته. في التجارة ضمنت له خدمة ما بعد البيع، فاضمن له هنا خدمة ما قبل الموت. ضربت هناك بيد من حديد على المتلاعبين بأقوات الناس من التجار، فاضرب هنا بيد من حديد على المتلاعبين بأرواح الناس من الموظفين.

هاجمت هناك بشدة الاحتكار وتركيز السلعة الجيدة في مؤسسة واحدة، فهاجم هنا وبشدة تركيز الخدمة الصحية الجيدة في مدينة واحدة. (أو تجاوزا في عدة مدن).

ضممت هناك للوزارة كل ما يماثل عملها، فاضمم هنا للصحة المستشفي التخصصي. فهو علامة استفهام كبرى لنا فلا ندري هل هو لأمراض معينة أم لأشخاص معينين.

بمجلس المنافسة سعيت هناك لضمان المساواة فاضمن هنا المساواة، فسرير يكلف 300 ريال في الليلة وسرير يكلف 30000 وكلاهما من المال العام. نشتري روبوتا للجراحة عن بعد والملاريا البسيطة تفتك بنا عن قرب. مستشفى ينقل صور الأشعة لبوسطن وآخر ليس به ورق الأشعة.

بإعلانات الصحف شهرت هناك بمن يكتب شيكا ولا يوجد في خزنته مال يقابله، فشهر هنا بمن يكتب روشته ولا يوجد في مخزنه دواء يقابلها.

أرجوك اجعل أول قرار لك منع رسائل طلب التبرع لمرضى الكلى، فتلك الرسائل عيب في وجوهنا. أميزانية تريليونية لوزارة الصحة ونطلب تبرعا من الناس لهم؟

الخدمة الصحية الجيدة مكلفة اليوم كثيرا جدا ومن العار ترك الفقراء يستجدون العلاج ومن الظلم تركهم للمستشفيات الخاصة. كتبت يوما (هل شعر أحدكم بشعور الأب يركض بابنه لمستشفى عام ولا يجد سريرا ثم يركض لمستشفى خاص فيجد السرير ولكن لا يجد في جيبه المال؟ هل قستم طول ليله؟ هل أحسستم حرارة دموعه؟ هل لعنتم لهذا يوما فقركم؟).

أرجوك لا ترد علي بإحالتنا على التأمين خشية أن أبكي على حالنا معه فذلك أكبر مقلب شربناه. فشركات التأمين هذه تؤمن معها عشر سنين بلا إصابة ثم إن أصبت بفشل في الكبد بإمكانها ألا تجدد البوليصة أو تجددها بسعر تعجل به وفاتنا بالهم لا بالكبد. فتأميننا هذا هو النموذج الأمريكي الرأسمالي الوقح البشع الجشع. لكن إن كنا جادين فعلا فالتأمين الحقيقي الذي نطلبه هو التأمين الاجتماعي، تأمين الأمة على أبنائها تأمينا مثل كندا والسويد مثلا، حيث يدفع كل مواطن رسما معينا متساويا للصغير والكبير والسقيم والسليم والرضيع والهرم، رسما متساويا يعطيه الحق في العلاج الجيد جدا وبدون رفاهية، ثم من أراد الرفاهية يدفع من حسابه هو. بينما اليوم من أراد الرفاهية يتعالج على حسابنا.

فلتصبح وزارتك مشرفة مشرّعة منظمة فقط. ومستشفياتك سلمها لشركات تديرها بشرط أن تكون شركات مساهمة، أرجوك اشترط أن تكون مساهمة وإلا لنال ذوو الحظوظ مرقة الديك ونلنا نحن عظامه. فالشركات المساهمة هي العلاج الحقيقي للاحتكار والاستثناء. ولتساهم الحكومة في تأسيس أربع أو خمس شركات تتنافس بشدة سعرا وخدمة لإدارة المستشفيات الحالية. وتول (وأنت قوي قادر) ضمان المنافسة والجودة والوقاية.

أرجوك لا تلقنا للتأمين الرأسمالي ولا للمستشفيات الخاصة، ولا لذلك المحسن الكريم، فكثير منا لا يجيدون كتابة الشعر النبطي، وحرام أصلا أن ينقضي العمر بين الاستجداء والاسترحام.