صلاح معمار

عقلية الـ«كول»!

الاحد - 25 مارس 2018

Sun - 25 Mar 2018

«الكول» حسب وصف وايت وكونز هو أحد أعراض الاضطراب الاجتماعي، والتشوش، والقلق، وإشباع رغبات الذات، والاستغراق في الخيال هربا من الواقع! وظاهرة الـ«كول» ممكن أن تدفع الأفراد نحو السلبية أكثر مما تدفعهم صوب الإشباع الفعال لإرادة الحياة. من ناحية أخرى الثقافة والبيئة والوضع الاقتصادي من الأسباب التي تجعل وصف شيء ما بأنه «كول» يختلف من شخص إلى آخر طبقا لدراسة ستيفن كوارتز وآنت آسب، وهما باحثان في العلوم العصبية بمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، أجريا دراسة من خلال تصوير الرنين المغناطيسي على أفراد ينظرون إلى سلع وممارسات بأنها «كول»، وآخرون وصفوها بالعكس «Uncool»! لأن في مخ كل شخص جزءا معروفا باسم الفص الجبهي الأمامي «Medial Prefrontal Cortex»، وهو الجزء الذي يلعب دورا في التعبير عن شخصية المرء وقراراته وسلوكه مع الآخرين وشعوره بالفخر، مما يجعل من استحسان الآخرين ونظرتهم إلينا بعين التقدير والإعجاب تلعب دورا محوريا في دوافعنا وسلوكياتنا. وللعقلية «الكول» مؤشرات ولعل أهمها:

1. الازدواجية: أصحاب العقلية الـ«كول» لديهم ازدواجية عالية تجعلهم يقولون ما لا يفعلون في سبيل الظهور بمظهر الكول أمام تيار الكول! فمثلا يمكن أن يكون للشخص الكول آراء كول حول المرأة وتمكينها واحترامها مع مجموعة الزملاء والرفاق، ويمارس عكس ذلك تماما داخل بيته!

2. الانتقائية: أصحاب العقلية الـ«كول» ليس لديهم منهج واضح ومحدد أو قيم تبنى عليها مواقف ثابتة، بل مواقفهم متأرجحة وفيها انتقائية حسب التيار والجو الكول العام. فمثلا تجد مواقفهم الحقوقية ليست شاملة بل انتقائية فإن كانت الموجة مع تمكين المرأة سيركب هذه الموجة فقط ويهمش أي تمكين آخر لفئة أخرى! خاصة إذا كان التمكين أو القضية الأخرى لا تحقق له الكول المجتمعي.

3. السطحية: صاحب العقلية الـ«كول» لن تجده في القضايا الكبرى العميقة بل في القضايا البسيطة السطحية التي لها «ترند» عبر وسائل التواصل الاجتماعي ولن تجده صاحب مواقف وأفعال بل صاحب أقوال وأشعار.

4. التطرف: صاحب العقلية الـ«كول» متطرف في كل ما سبق، فعلى سبيل المثال يتطرف في الانتقائية في مسألة تمكين المرأة، فيطلب أن تكون وزيرة للحج ومديرة للبنوك حتى لو لم تمارس هذا العمل من قبل، وعدم تأهيلها وتدريجها سيكون كارثيا على الوزارة والمنظمة! المهم أن يظهر بمظهر الكول بأطروحاته، وكذلك يتطرف على إرثه ويكون أقسى من الغربي في نظرته للتاريخ الإسلامي، فيصف تاريخه أنه تاريخ دموي غير مشرف حتى يظهر بمظهر الكول العالمي!

5. الأولويات: لدى أصحاب العقلية الـ«كول» تخبط في الأولويات ومنبعها ليس شخصيا بل خارجي بناء على الجو العام، وبناء على ما يرغبه الآخرون. فعلى سبيل المثال يقتني الكول كل ما هو خارجي يجعل من مظهره «كول»، سواء ساعات أو ملابس من ماركات عالمية وسيارات فارهة وكل هذا بالدين وعلى حساب أولويات مهمة كالتعليم والصحة!

العقلية الكول = ازدواج في المعايير + انتقائية في المواقف + سطحية في الطرح + تطرف في الآراء + تخبط في الأولويات

S_Meemar@