كفتا الميزان.. الصحة والمال

الأربعاء - 21 سبتمبر 2016

Wed - 21 Sep 2016

لنضع كلا من الصحة والمال في كفتي ميزان، ونراقب السيناريوهات التالية:



أولا: تساوي الكفتين، ماذا يعني ذلك؟ ثانيا: ثقل كفة المال، فترتفع كفة الصحة إلى أعلى! ماذا يعني ذلك؟ ثالثا: ثقل كفة الصحة، فترتفع كفة المال إلى أعلى! ماذا يعني ذلك؟ إذن، نحن أمام ثلاثة سيناريوهات (ولا رابع لها)، ولكل سيناريو تفسير خاص به، ويمكن من خلال كل سيناريو أن نصف حال الخدمات الصحية وذلك بما ينفق من مال، وما نجنيه من مؤشرات صحية.



لنبدأ بالسيناريو الأول، حيث تتساوى الكفتان (كفة المال وكفة الصحة). وهذا يعني أن المؤشرات الصحية (للمجتمع) هي في حالة متوازنة مع ما ينفق من مال على الخدمات الصحية. ولكن، السؤال المهم في هذا السيناريو: متى تكون حالة التوازن (حالة تساوي الكفتين)؟ ولكي نأتي للتحليل الدقيق لتساوي كفتي الصحة والمال لا بد أن ندرك تمام الإدراك أن كلا المؤشرين (الصحة والمال) مرتبط بعوامل خارجية، لها من التأثير على قيمة كل منهما. فمؤشر الصحة مرتبط (مثلا) بمؤشر ازدياد عدد السكان (النمو السكاني)، وبمؤشر الثقافة الصحية لدى المجتمع، سواء كان ذلك مجتمعا مدرسيا، أو جامعيا، أو مدنيا (سكن في المدينة)، أو قرويا (سكن في قرية) أو ساحليا (السكن في السواحل).



إلى جانب الارتباط بمستوى التطبيق المثالي للعديد من البرامج الصحية المرتبطة بصحة تلك المجتمعات المختلفة (سابقة الذكر). وفي الجهة المقابلة، فإن مؤشر كفة المال (الإنفاق) يرتبط بمؤشرات أخرى مثل مؤشر الدخل القومي والذي يرتبط باقتصاد الدولة المرتبط بعوامل عديدة أخرى (مثل ارتفاع أو انخفاض مؤشرات التجارة الدولية). إذن، الوصول إلى حالة تساوي كفتي الصحة والمال، يعني أن تكون كل المؤشرات (التي ذكرت) ذات مستوى ثابت (لا يتغير).



طبعا، هذا الحال (الاستقرار) لا يمكن الوصول إليه بسهولة، وذلك في ظل التغير الدائم الذي نلاحظه في مؤشرات سوق المال الدولي، ومؤشر زيادة النمو السكاني. وأما بالنسبة للحالة الثانية، فتدل على أن الإنفاق الكبير (ميزانية ضخمة) على الخدمات الصحية، سوف يساهم في رفع مؤشرات الصحة العامة في المجتمع السكاني (طبعا، هذا من وجهة نظري). وأخيرا وليس بآخر، فإن الحالة الأخيرة (ثقل كفة الصحة وارتفاع كفة المال إلى الأعلى) قد تدل على أن مؤشر الخدمات الصحية أصبح ثقلا على كاهل المصروفات المالية. وقد يعني ذلك صرفا كبيرا على الخدمات الصحية دون أن يكون لها مقابل إيجابي في المؤشرات الصحية.



باختصار.. القيادات الصحية الناجحة، هي تلك القيادات التي تسخر كل الإمكانيات (من موارد بشرية، وموارد مالية وموارد عامة) في صالح التطبيق الأمثل للإمكانيات المتوفرة تحت قيادتها من بنى تحتية، والذي يؤدي (التطبيق الأمثل) إلى التأثير الإيجابي على المؤشر العام للخدمات الصحية. إذن، القيادة الصحية هي تلك القطعة (الحساسة) التي تحمل (وتوزن) كفتي الميزان (الصحة والمال).