برجس حمود البرجس

المنشآت – القوة الشرائية كدلالة استثمارية

الثلاثاء - 20 فبراير 2024

Tue - 20 Feb 2024


عند الحديث عن المنشآت الصغيرة والمتوسطة، يُتداول بين العامة أن الأسواق والقوة الشرائية ضعفت أخيرا، وأحاديث عن الرسوم والتكاليف العالية، ولكن عندما نقرأ مؤشرات رسمية ورئيسة، نجد ارتفاعات في العمليات الشرائية غير مسبوقة.

بعيدا عن مؤشرات السوق المالي السعودي، نقرأ مؤشرات مختلفة لقياس قوة الحركة التجارية في الأسواق التجارية للخدمات والسلع، وأقصد هنا سوقنا في المملكة العربية السعودية، وعلى رأس هذه المؤشرات ننظر إلى حجم عمليات نقاط البيع والتجارة الالكترونية ومجموع مبالغ مدفوعات سداد، والتي تخطت 850 مليار ريال في 2023.

هذه ليست مؤشرات رسمية لقياس حجم السوق، ولكني رأيت أنها مؤشرات تهم المستثمر والتاجر ورائد الأعمال. فحجم المدفوعات عبر نقاط البيع هي «مبيعات»، ومدفوعات التجارة الالكترونية أيضا «مبيعات»، ومبلغ مدفوعات سداد أيضا هي دفع مبالغ لـ»مبيعات» سلع أو خدمات، وقد استثنيت منها سداد القطاعات الحكومية. هذه المبيعات تعطي دلالة على صحة السوق وحجمه مقياسا لنموه.

ومع الأسف، لم أستطع تحديد التحويلات المالية مقابل «مشتريات» لسلع وخدمات، لعدم وجود تفاصيل إحصائية لهذا الشأن، رغم قناعتي أنه مؤشر قوي، إذ إن معظم المدفوعات لعقود الشركات والمشاريع الحكومية وغير الحكومية تكون عبر التحويلات، إلا أن الإحصاءات الموجودة تتداخل مع التحويلات الشخصية.

المهم أن المؤشرات دون مؤشر التحويلات كافية لتعكس صورة السوق ونموه.

فقيمة عمليات نقاط البيع والتجارة الالكترونية وصلت إلى 614 مليار ريال لـ2023 مرتفعة 10% عن 2022، وبارتفاع بمقدار أكثر من الضعف عن 2019، والذي انتهى قبل بداية جائحة كورونا بـ3 أشهر، وبارتفاع بأكثر من الضعفين مقارنة بـ2016 عند إطلاق رؤية السعودية 2030.

هذا النمو يعبر عن صحة السوق التجاري، ولذلك نعده جاذبا للمنشآت الصغيرة والمتوسطة.

يأتي قطاع المطاعم والمقاهي، القطاع الأكثر نموا، إذ ارتفع 3 أضعاف ما كان عليه مع نهاية 2019 قبل بداية جائحة كورونا، ثم يأتي قطاعي المشروبات والأطعمة ثاني أكثر نمو، إذ ارتفع 2.5 ضعف ما كان عليها عام 2019. أما قطاعات الصحة والمواصلات والفنادق والملابس والأحذية، فقد نمت بنسب مختلفة فوق 1.5 الضعف. بقية القطاعات - الترفيه والثقافة والأجهزة الالكترونية والأجهزة الكهربائية والأثاث ومواد البناء والتعمير - نمت بنسب متفاوتة فوق الضعف ودون 1.5 الضعف.

القطاع الوحيد الذي لم يرتفع ولكنه حافظ على مستواه نفسه هو قطاع المجوهرات.

مبالغ مدفوعات سداد وصلت إلى 234 مليار ريال مرتفعة عن 2019 بنسبة 80%، وقد جاء قطاع المال والتأمين وخدمات الأعمال الأكثر نموا بنسبة قريبة من الضعفين خلال الفترة نفسها، وارتفعت جميع القطاعات الأخرى بنسب متفاوتة بين 45% و83% ما عدا قطاع خدمات النقل فقد انخفضت إلى النصف، نظرا لارتفاع المدفوعات في ذلك القطاع، خلال عمليات نقاط البيع. من هذه الحسابات، تم استثناء مدفوعات سداد للجهات الحكومية رغم أن بعضها تجاري.
أما تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، فقد ارتفع حجم التسهيلات من القطاع المصرفي وقطاع شركات التمويل لتلك المنشآت، إذ وصل إلى 259 مليار ريال، مرتفعا إلى الضعف وثلث الضعف مقارنة بـ2019، أي بمتوسط أكثر من 30% سنويا خلال السنوات الأربعة الماضية.

إضافة إلى ما تم ذكره، مدفوعات العقود والمشتريات الحكومية، ومدفوعات العقود بين الشركات، والتجارة الكبيرة والمدفوعات الكبيرة، جميعها تتم عبر الحوالات.

يذكر أن هناك أكثر من 18 ألف شركة التحقت ببرنامج «طموح»، التابع للهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة «منشآت».

البرنامج يشترط على الشركات بعض الشروط، أولها: أن يكون نمو الشركة السنوي 20% على الأقل كي تُقبل في البرنامج. برنامج «طموح» يمكن ويدعم ويساعد هذه المنشآت لتنمو أضعاف نموها المعتاد، والأجدر بالذكر أن هذه الشركات الملتحقة بالبرنامج تصل مساهمتها إلى أكثر من 50% من مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي وخلق الوظائف.

المنشآت الناجحة قدوة يحتذى بها، وعلينا الجميع أن يستهدف التميز والابتكار ومزايا التنافس والقيمة المضافة.




Barjasbh@