عبدالله قاسم العنزي

الطعن بالنقض أمام المحكمة العليا

الاحد - 28 يناير 2024

Sun - 28 Jan 2024


لقد عرف مرفق القضاء تطورا كبيرا في ظل التطورات المستمرة وزادت أهميته في توجه الدولة في رؤيتها 2030 باعتباره مرفقا أساسيا يتولى التكفل بإقامة العدل بين الناس والفصل في النزاعات التي تثور بينهم وحماية حقوق الشركاء والمستثمرين وأن أحكام القضاء لها انعكاسات إيجابية على كافة الأصعدة ومنها الصعيد الاقتصادي.

ولا يزال القضاء متسارع التطور في المبادرات التي تنفذها وزارة العدل في مساندتها في تطوير الإجراءات وتسهيلها على المستفيدين من خدمات وزارة العدل لوصول الدعاوى إلى القضاء للفصل في النزاعات بين الأفراد أو المنظمات.

وإن المجتمع يعيش ثورة اقتصادية واجتماعية على مستوى ثقافة المجتمع مما جعل ذلك لزوم سن أنظمة جديدة أو تعديل قواعد نظامية في بعض الأنظمة لتتواكب مع حراك مبادرات رؤية المملكة 2030.

حرص المنظم السعودي على تطوير التشريعات النظامية لتوفير أكبر ضمانات لحفظ الحقوق والتحول إلى دولة قانون لتحقيق العدالة القضائية والتي لها أهمية بالغة عند مجلس القضاء الأعلى، وعلى ذلك كان التقاضي في المملكة العربية السعودية على درجتين للوصول إلى أحكام لا تشوبها عيوب توجبها لطلب النقض.

كما أن النقض أمام المحكمة العليا شرع لمواجهة ما قد يتخلل الأحكام القضائية من أخطاء وتصويب ما يمكن تصويبه منها أو نقضها، والمنظم السعودي مكن المتقاضي الذي صدر الحكم الابتدائي في غير صالحه من استئنافه باستعمال ما يشاء من الأسباب من الواقع أو القانون ووسع في نفس الوقت من سلطات الجهة الاستئنافية وهي محكمة الدرجة الثانية عند نظر الحكم المستأنف والطريق الناقل لأثر هذا الطعن أو التصدي للخصومة وفصل النزاع فيها.

وفي المقابل ضيق حرية الطاعن بالنقض عند سلوكه لهذا الطعن إذ لم يجزه كقاعدة عامة إلا ضد الأحكام النهائية الصادرة من محكمة الدرجة الثانية في حالات معينة مبينة بالمادة الـ 193 من نظام المرافعات، وهي أربع حالات يجوز للمحكوم عليه الاعتراض بطلب النقض أمام المحكمة العليا إذا كان الحكم مخالفا لأحكام الشريعة أو الأنظمة أو صدور الحكم من محكمة غير مشكلة تشكيلا سليما طبقا لما نص عليه نظاما، أو صدور الحكم من محكمة أو دائرة غير مختصة أو الخطأ في تكييف الواقعة، أو وصفها وصفا غير سليم وهي الحالة الأخيرة هي أكثر الحالات وقوعا وما سبقها من حالات ذكرت قد تكون نادرة الوقوع أو لا تقع.

وبناء على ما تقدم من إيضاحات فإن على الطاعن الالتزام بالإجراءات الشكلية وهي مدة الاعتراض بطلب النقض ثلاثون يوما، وفي المسائل المستعجلة تكون خمسة عشر يوما فإذا لم يودع المعترض اعتراضه خلال هاتين المدتين سقط حقه في طلب النقض.

وفي حالة التزم الطاعن بالإجراءات الشكلية قبلت المحكمة العليا الاعتراض شكلا، فتفصل في موضوع الاعتراض استنادا إلى ما في الملف من الأوراق، دون أن تتناول وقائع القضية؛ لأن المحكمة العليا محكمة قانون تنظر في صحة الأحكام نظاما في الحالات التي بينتها سابقا.

كل ما يعنيني كرجل قانون وكاتب في الشأن القانوني والعدلي أن أبين للقارئ في كتابته مذكرة النقض أن يبين الأوجه التي يستند عليها الطعن فلا تقبل مذكرة طلب فيها النقض دون ذكر الوجه أو الأوجه المحددة على سبيل الحصر في المادة الـ 193 من نظام المرافعات؛ لأنه كما ذكرنا سابقا أن المحكمة العليا محكمة قانون فلا يمكنها الفصل في الوقائع عند نقضها للحكم المعروض على رقابتها عن طريق الطعن بالنقض وإنما تحيل الحكم بعد نقضه كله أو بعضه إلى المحكمة مصدرة الحكم لتفصل فيه من جديد، وأخيرا.. استعن بمحام يصيغ لك مذكرة الطعن في حالة استعصى عليك فهم ما ذكرت.

ختاما، سيكون في قادم الأيام مقالات أخرى توضح إجراءات التقاضي.


expert_55@