عبدالله قاسم العنزي

صورة الأخطاء الطبية

الاحد - 21 يناير 2024

Sun - 21 Jan 2024


تعرف الأخطاء الطبية بأنها عبارة عن أخطاء يتم ارتكابها في المجال الطبي نتيجة انعدام الخبرة أو الكفاءة من قبل الطبيب الممارس، أو نتيجة ممارسة عملية أو طريقة حديثة وتجريبية في الفحص أو التشخيص أو العلاج.

ويعتبر الخطأ الطبي ذات طبيعة خاصة لما يتصف به من طبيعة فنية معقدة، وبالتالي فإن خطأ الطبيب ليس كخطأ الشخص العادي لاعتبار أن الأصل في أن الطبيب أثناء تأديته لمهام عمله أن يكون على حيطة وحذر واحتراز بعيدا عن الإهمال والرعونة في التصرفات أو عدم الالتزام في العرف والأصول المهنية والعلمية للطبيب الممارس.

مفهوم الخطأ الطبي اختلف فيه الفقهاء، فمنهم من يقول إنه خطأ ينجم عن عدم قيام الطبيب بالتزاماته الخاصة التي تفرضها عليه مهنته والذي يحوي في طياته طبيعة تلك الالتزامات للطبيب والتي مصدرها الواجب بعدم الإضرار بالغير، وقيل إنه خروج الطبيب في سلوكه على القواعد والأصول الطبية التي يقضي بها العلم أو المتعارف عليها نظريا وعمليا وقت تنفيذه للعمل الطبي أو إخلاله بواجبات الحيطة واليقظة التي يفرضها القانون متى ترتب على فعله نتائج جسيمة.

على أية حال، من الممكن أن نقول بأن الخطأ الطبي يجب أن يتوافر فيه عنصران وهما: خروج الطبيب أو مخالفته لقواعد الأصول العلمية الطبية أو الإخلال بواجبات الحيطة واليقظة وعلى ذلك يكون لدينا مفهوم الخطأ الطبي واضحا وإن تعددت تعريفات الفقهاء له.

إن العمل الطبي يمر بثلاثة مراحل ابتداء في مرحلة التشخيص، ثم مرحلة العلاج، ثم مرحلة الاستشفاء، وهنا نستطيع أن نقول إن من صور الأخطاء الطبية في هذه المراحل سابقة الذكر الخطأ في التشخيص، حيث يقوم الطبيب بتشخيص حالة المريض بصور خارجة عن الأصول العلمية لمهنة الطب كاتخاذ الطبيب رأيا نهائيا في حالة مريض دون فعل الفحوصات والتحاليل الطبية اللازمة للكشف عن حالة المريض بصورة نهائية، وبهذه الصورة يكون القرار الذي أصدره الطبيب بتشخيص حالة المريض قرارا خاطئا لخروجه عن قواعد العمل الطبي بصرف النظر عن ماذا يتبع ذلك التشخيص الخاطئ لحالة المريض؛ لأن الطبيب في هذه المرحلة ملزم ببذل الجهود الصادقة واليقظة في النظر بحالة المريض واستفراغ الوسع في استخدام كافة التقنيات الفنية من تحاليل وأشعة تكشف له حالة المريض ولو على أقل تقدير بصورة مبدئية.

لكن إذا استفرغ الطبيب جهده ووسعه في بذل كافة القواعد والأساليب الفنية والطبية وأخطأ علميا في تشخيص المريض فإن ذلك لا يعد خطأ طبيا؛ لأن الفرق بين الخطأ الطبي والخطأ العلمي هي سلوك الطبيب أثناء تشخيص المريض، فإذا خرج عن قواعد العمل الطبي وشخص بصورة خاطئة كان ذلك خطأ طبيا، أما إذا لم يخالف قواعد العمل الطبي وشخص ولكنه أخطأ علميا فإن الطبيب لا يسأل عن خطئه العلمي إنما يسأل عن الخطأ الطبي فقط.

كذلك من صورة الأخطاء الطبية الخطأ في الخطة العلاجية إذا كانت مخالفة للعرف المهني والقواعد العلمية الطبية سواء كانت هذه الخطة العلاجية صاحبها تدخل جراحي أم لم يصاحبها؛ لأن بعد تشخيص المرض وتحديد موضعه ودرجة خطورته على المريض وما هي المضاعفات المتوقعة من ذلك المرض تأتي الخطة العلاجية والتي يجب أن يكون فيها الطبيب على بصيرة وحذر ويقظة في وضع الخطوط العريضة للخطة العلاجية للمريض.

كذلك من صور الأخطاء الطبية الخطأ في وضع خطة الاستشفاء للمريض بمعنى أن يكون الطبيب على يقظة تامة في متابعة حالة المريض بعد إجراء العمليات أو العلاج وتسمى هذه بالخطة الاستشفائية للمريض والتي أهم عنصر فيها حماية المريض من أي مضاعفات تصيبه بعد إجراء الخطة العلاجية سواء كانت جراحية أم غير ذلك وهذه المرحلة من المراحل الشائكة التي يكون الطبيب مسؤولا عنها في حالة أنه لم يقم بالمتابعة اللازمة لحالة المريض لحمايته من المضاعفات وهي التي يقع فيها الكثير من المرضى بأضرار تلف أسبابها تحت عباءة (مضاعفات المرض) والأصل أن الطبيب مسؤول عن السيطرة ما أمكن على مضاعفات المرض.. وللحديث بقية.


expert_55@